responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 236
فعند ذلك عينوا سنقر الأشقر والأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح وأضافوا لهما أمراء ومقدار ألفي فارس وصحبتهم آل مهنى وآل فضل وآل مرى وبنو كلاب وأمراء التركمان، فتجهزوا وساروا وجدوا في سيرهم إلى أن بلغوا الفرات، فلم يجدوا أحدا، ولا ظهر لهم راكب ولا راجل، وكان حقيقة ما ذكره العرب أن صاحب سيس لما كتب إليه أهل القلعة وطلبوا منه النجدة علم أنه عاجز عن ذلك ولكن احتال في ذلك حيلة، فطلب ثلاثة من أمراء الأرمن وجرد معهم خمسة آلاف فارس من الأرمن، وألبس جميعهم لبس المغول، وجعل على رؤوسهم السراقوجات التي يركب بها المغول، وجعل لهم رايات وطبول على زي عسكر المغول، وأمرهم أن ينزلوا على بر الفرات ويعدوه إذا لم يصادفوا عسكرا هناك، ويكونوا على حذر عظيم ويتراءوا لأهل البلاد والعرب حتى يظنون أنهم مغول، ويصل أخبارهم إلى العسكر فيقع في نفوسهم أن عسكر المغول قد حضروا لنصرتهم فيرجعون عن حصارهم، فساروا على هذه الهيئة وفعلوا ما قال لهم صاحبهم. ورآهم بعض العرب فأخبروا عسكر السلطان بذلك، ثم لما أرسل السلطان من ذكرنا من عسكره وبلغ خبرهم إلى الأرمن أخذوا حذرهم منهم، فرجعوا خائبين خاسرين وجاء الخبر بذلك إلى السلطان، ثم في عقيبه جاء العسكر المجردون، فقوى بذلك عزم المسلمين على القتال والحصار، وتفرقوا على القلعة كتائب ومواكب، واستعملوا المعاول في أسوارها، ولم يزالوا على ذلك إلى أن جاء نصر الله والفتح.
ففتحت بالسيف يوم السبت الحادي عشر من رجب من هذه السنة، فطلع إليها المسلمون ومكنوا السيوف من الأرمن، ولم يرحموا كبيرها ولا صغيرها ولا كهلها ولا شابها، ونهبوا ذراريهم، وذلك لأنهم ما وجدوا بها كسبا طائلا مثل عادة القلاع والحصون، ولم يكن لهم باع كثير، وإنما كانوا مقاتلة، فبذلك حنقت العسكر عليهم، ووضعوا فيهم السيوف بلا رحمة ولا شفقة، وأخذوا منها نحو ثلاثمائة أسير، فأحضروهم إلى مصر، واعتصم كيثاغيكوس خليفة الأرمن المقيم بها في القلة، وعنده بعض من هرب من القلعة، فرسم السلطان أن يرمى عليهم بالمنجنيق، فلما وتروه ليرمى عليهم طلبوا الأمان من السلطان فلم يؤمنهم إلا على أرواحهم خاصة وأن يكونوا أسرى، فأجابوا إلى ذلك، وأخذ كيثاغيكوس وجميع من كان بقلة القلعة أسرى عن آخرهم.
وأمر السلطان أن يمحى عنها سمة الرومية ولا يسميها أحد بتلك الاسمية؛ بل تسمى قلعة المسلمين الأشرفية.
ثم رتب السلطان سنجر الشجاعي لعمارتها وتحصين قلعتها وترتيب ما يعود على مصالحها، وأمر أن يخرب ربضها ويبعد عنها.
وفي نزهة الناظر: وما رحل السلطان عنها حتى رتب فيها نائبا وهو الأمير جمال الدين أقشى العارضى، وذلك بعدما قبض على الأمير عز الدين الموصلي بسبب أنه رسم له أن يكون نائبا بها، فأبى ذلك، فقبض عليه، ورتب جمال الدين المذكور، وأقام في يومه في القلعة الخليلية.
ونظم بعض كتاب الدرج:
فديتك من حصنٍ منيع جنابه ... تطهرت من بعد النجاسة والشرك
وقد صرت تدعى بالخليلين دائما ... خليل إله العرش والبطل الترك
وكان المسلمون رأوا في إقامتهم على هذه القلعة أمورا صعبة كان أكثرها من الزلازل والأمطار والصواعق، واتفق يوما أن الأمير بدر الدين بيدرا كان جالسا وقد تقدم الفراش ليمد السماط بين يديه وإذا بصاعقة قد نزلت بخيمته فنفذت من الخيمة ووقعت على ظهر الفراش فقصمته نصفين ووقع إلى الأرض، ونفر كل من كان واقفا وغاصت الصاعقة في الأرض، وقام بيدرا وفي قلبه رجفة عظيمة.
قال صاحب النزهة: ثم رسم السلطان بكتاب البشارة يكتب إلى مصر، فكتب ما نسخته.
بسم الله الرحمن الرحيم مبشرةً بفتح ما سطرت به الأقلام أعظم بشائره، ولا تفوهت ألسنة خطباء هذا العصر على المنابر بأفصح من معانيه في سالف الدهر وغابره، وهو البشرى بفتح قلعة الروم، والهناء لكل من رام للإسلام نصرا ببلوغ ما رام وما يروم.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست