اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 23
ولما استقر في المملكة سار ابن أخيه يحيى بن إبراهيم بن أبي زكريا الذى سلم من المعركة إلى بجاية وملكها، وتلقب بالمنتخب لإحياء دين الله أمير المؤمنين، واستمر المنتصر بالله في مملكته حتى توفى في أوائل المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة، ولما اشتد مرضه بايع لإبن صغير له، واجتمعت الفقهاء وقالوا له: أنت صائر إلى الله، وتولية مثل هذا لا يحل، فأبطل بيعته، وأخرج ولد الواثق المخلوع الذى كان صغيراً وسلم من الذبح الملقب بأبي عصيدة، بويع له صبيحة موت أبي حفص عمر المذكور الملقب بالمستنصر، وكان اسم أبي عصيدة أبا عبد الله محمد، وتلقب أيضاً بالمستنصر، وهو المستنصر الثالث.
وفي أيامه توفى صاحب بجاية المنتخب يحيى بن إبراهيم، وملك بعده بجاية ابنه خالد بن يحيى، وبقى أبو عصيدة كذلك حتى توفى سنة تسع وسبعمائة، وملك بعده شخص من الحفصيين يقال له أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص صاحب ابن تومرت، فأقام في الملك ثمانية عشر يوما، ثم وصل خالد بن المنتخب صاحب بجاية ودخل تونس، وقتل ابا بكر المذكور في سنة تسع وسبعمائة، ولما جرى ذلك كان زكريا اللحيانى بمصر، فسار مع عسكر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون إلى طرابلس الغرب وبايعه العرب، وسار إلى تونس، فخلع خالد بن المنتخب، وحبس، ثم قتل قصاصاً بأبى بكر بن عبد الرحمن المقدّم ذكره.
واستقر اللحيانى في ملك إفريقية، وهو أبو يحيى زكريا بن أحمد بن محمد الزاهد بن عبد الواحد بن أبي حفص صاحب ابن تومرت.
ثم تحرك على اللحيانى أخو خالد وهو أبو بكر بن يحيى المنتخب، وهرب اللحيانى إلى ديار مصر وأقام بالإسكندرية، وملك أبو بكر المذكور تونس وما معها خلا طرابلس والمهدية، فإنه بعد هروب اللحيانى بايع ابنه محمد بن اللحيانى لنفسه واقتتل مع أبي بكر فهزمه أبو بكر، واستقر محمد بن اللحيانى بالمهدية وله معها طرابلس.
وكان استيلاء أبي بكر وهروب اللحيانى إلى ديار مصر في سنة عشرين وسبعمائة، وأقام اللحيانى في الإسكندرية، ثم وردت عليه مكاتبات من تونس في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة إلى الإسكندرية يذكر فيها أن أبا بكر متملك تونس المذكور قد هرب وترك البلاد، وأن الناس قد اجتمعوا على طاعة اللحيانى وبايعوا نائبه وهو محمد بن أبي بكر من الحفصيين، وهو صهر زكريا اللحيانى المذكور، وهم في انتظار وصول اللحيانى إلى مملكته.
وقال المؤيد في تاريخه: اللحيانى المذكور قدم إلى مصر قبل أن يملك، ورأيته بها في سنة تسع وسبعمائة، وكان حسن الشكل، ضخم الخلقة، قدم إلى ديار مصر وربما أنه حج، ثم عاد إلى بلاد المغرب فملك تونس، وهو مقهور فيها مع العرب، فإنهم يتغلبون عليه.
وقال: وهو صاحب تونس في زماننا هذا، وهو سنة ثمانى عشرة وسبعمائة.
ذكر ما جريات المصريين
منها: أن العزيزية المقيمين عند الملك المعز أيبك التركمانى عزموا على القبض عليه وهم على العباسة، وعلم بذلك المعز واستعد لهم، فهربوا من مخيمهم على العباسة، واحتيط على مُخَيَّمِهِم.
ومنها: أن الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحى عصى بصعيد مصر، وتظاهر بالعصيان، وجمع عليه جماعة من العربان، ووافقه حصن الدين ابن ثعلب والأمير ركن الدين الصيرمى، واعتدوا ونهبوا البلاد، وأكثرت العربان من الفساد، ووضع هؤلاء أيديهم على الأموال فأخذوها من بيوت المال، وجبوا الجزية من ذمة تلك الأعمال، فانفسد النظام، وانتكث الإبرام، فاقتضى الحال إرسال الصاحب شرف الدين الفائزى الوزير ليتدارك الخلل بالتدبير، وجرد معه إلى الصعيد من العسكر جماعة، وأمروا له بالطاعة، فتحيلوا على الشريف حصن الدين فمسكوه، وأحضروه إلى القلعة المحروسة فاعتقل بها، ثم نقل إلى ثغر الإسكندرية، فاعتقل في جب تحت الأرض، يعرف بجب الشريف، إلى أن كان من أمره ما سنذكره إن شاء الله.
ذكر ماجريات أولاد جنكيزخان
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 23