اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 179
وضرب السلطان دهليز الحرب الأحمر، ثم ورد إليه الخبر بأن منكوتمر قد نزل بحماة، ومعه عساكر التتار في ثمانين ألفا، منهم: خمسون ألفا من المغول وباقيهم مرتده وكرج وروم وأرمن وفرنج، وأنه قد قفز إليهم مملوك من مماليك الأمير ركن الدين بيبرس العجمي الجالق، فدلهم على عورات المسلمين، وأخبرهم بعددهم.
ولما كان ليلة الخميس رحلوا عن حماة، ورتبوا جيوشهم، وكان طرف ميمنتهم حماة، وطرف ميسرتهم سلميّة، وساقوا طالبين اللّقاء، فرتب السلطان الجيش ميمنة وميسرة وقلبّا وجناحين على ما نصفه، وبات المسلمون على ظهر لابسين لامات الحروب، مدّرعين هم وخيولهم.
واتفق أن شخصا من عسكر التتار قفز ودخل إلى حماة، وقال للنائب بها: اكتب الساعة إلى السلطان على جناح المام، وعرفه أن القوم ثمانون ألف مقاتل تحت القلب، منها أربعة وأربعون ألفا مغلا، وهم طالبون القلب، والميمنة التي لهم قوّية جدّا، فيقوّى ميسرة المسلمين ويحترزون على السناجق، فقرأ السلطان الكتاب وركب عند إسفار الصبح لتقوية الميسرة واعتماد ما يراه من الصلاح. ذكر الوقعة مع التتار على حمص
في يوم الخميس رابع عشر شهر رجب الفرد، سنة ثمانين وستمائة.
ولما ركب السلطان بكرة النهار لترتيب الأطلاب ساق بنفسه على الجيوش وطيّب خزاطرهم، وقوّى عزائمهم، وحضهّم على الثبوت، وحسن الصبر، ورجع إلى موقفه من القلب متوكّلا على الرب بجأش أثبت من الجبال الشمّ، وجنان أصلد من الرواسي الصم، وكان التطليب على هذا الترتيب.
الميمنة المنصورة المنصورية
فبها: الملك المنصور ناصر الدين محمد صاحب حماة والعسكر الحمويّ والأمير بدر الدين بيسري الشمسيّ، والأمير علاء الدين طيبرس الوزيريّ الحاج، والأمير عز الدين ايبك الأفرم أمير جاندار الصالحيّ، والأمير علاء الدين كشتغدي الشمسي، ومضافوم من الأمراء الطيلخانات، وأصحاب العشرات، ومقدّمو الحلقة وأجنادها، وغيرهم من العساكر، والأمير حسام الدين لاجين السلحدار المنصوري نائب الشام، والأمراء الشاميّون، والعسكر الشامي، وفي رأس الميمنة شرف الدين عيسى بن مهنّى وآل فضل، وآل مرى، وعربان البلاد الشاميّة ومن انضّم إليهم.
الميسرة المباركة الإسلاميّة
فيها: الأمير شمس الدين سنقر الأشقر ومن معه من المماليك الظاهريّة، والأمير سيف الدين أيتمش السعديّ، والأمير بدر الدين بيليك الأيدمريّ، والأمير بدر الدين بكتاش الفخريّ أمير سلاح، والأمير علم الدين سنجر الحلبي الصالحيّ، والأمير سيف الدين بجكا العلائي، والأمير بدر الدين بكتوت العلائي، والأمير سيف الدين حبرك التتريّ، ومن معهم من الأمراء والألوف، وفي رأس المسيرة التركمان بجموعهم، وعسكر حصن الأكراد.
الجاليش وهو مقدّمة القلب
الأمير حسام الدين طرناطاي نائب السلطنة ومضافوه من الأمراء والمغادرة ومماليكة وأجناده، والأمير ركن الدين أياجي الحاجب، والأمير بدر الدين بكتاش بن كرمون ومن معهم من المماليك السلطانيّة المنصوريّة، ووقف السلطان تحت السناجق المنصورة، وحوله مماليكه، وألزامه، والسلحداريّة، والسنجقداريّة، والطبرداريّة، وهو ثابت في صهوة جواده ثبوت الطود الراسي، محتسبا في سبيل الله عز وجل ثواب ما يلابس ويقاسي، فأشرفت كراديس التتار متراكمة كالأمواج، مترادفة كالبحر العجاج، وأقبلوا ينسلون من الفجاج، وهم كقطع الليل المظلم، والمسلمون كالسراج الوهاج، قد أشرقت عليهم أنوار التوحيد، وأشعة الحديد.
بوجوه تعسى السيوف ضياء ... وسيوف تغشى الشموس وقودا
في مقام يخر في صكة البيض ... على البيض ركعّا وسجودا
وكان الملتقي بوطأه حمص، يالقرب من مشهد خالد بن الوليد رضي الله عنه، حيث مركز الرماح، ومهبّ الرياح، وهو المكان الذي لم يزل بلاء الناس فيه محمودا، ونصر خالد يزداد لديهم خلودا، فالتقى الجمعان في الساعة الرابعة من يوم الخميس الرابع عشر من شهر رجب.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 179