اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 151
وذكر في بعض التواريخ: أن أصله من الديلم، وأن أباه كان يلقب بهدب الدين، كان رجلا جميلاً وسيما من طلبة العلم، وكان حضر إلى سعد الدين المستوفى بالروم في أيام السلطان علاء الدين كيقباذ، فسأله أن يجرى عليه شيئاً من بعض المدارس لقيات به فيكون درهما كل يوم، فمال إليه المستوفى لما رأى من حسن سمته وسمته فقال له: أريد أن أصيرك منى مكان الولد وأجود لك بما أجد، ثم قرّبة وأدناه وأحبه، وزوجه ابنته، واتفق وفاه المستوفى بعد ذلك، فوصف مهذب الدين للسلطان علاء الدين كيقباذ بالفضيلة والمعرفة والكفاية والأهلية للمناصب، فرشحه لوزارته وألقى إليه مقاليد دولته، فرزق مهذب الدين معين الدين سليمان الملقب بالبرواناه، ثم آل أمر البرواناه إلى أن هلاون لما أخذ بلاد الروم قال للسلطان ركن الدين: من الآن يصلح للتردد في الأشغال؟ قال: ما يصلح أحد لذلك سوى البرواناه، فترقت منزلته من ذلك اليوم حتى صار فيما بعد حاكما على ممالك الروم إلى أن جرى عليه ما نذكره الآن من أبغا ملك التتار. وهو أن أبغا لما توجه من الروم إلى الأردو، وأخذ معه البرواناه كما ذكرناه، استشار الأمراء في أمره، فقوم أشاروا عليه بقتله، وقوم أشاروا بإبقائه وإعادته إلى البلاد ليحفظ نظامها ويحمل خراجها، فترجح عنده إبقاؤه فأطلقه من التوكيل على أنه يعود، فسمع نساء أمراء المغول الذين قتلوا في المعركة كزوجة توقو وتداون وغيرهما أن أبغا رسم بإطلاقهما لبرواناه، فاجتمعن جميعا عصر النهار، وأقمن مأتماً وصحن ونحن، فسمع أبغا ضجيجهن فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن الخواتين سمعن بأن أبغا قد خلى سبيل البرواناه وأطلق سراحه ليعود إلى الروم سالما، فيكين وأعولن على أزواجهن، فأمر أبغا لأمير من الأمراء الذين يشتّون ببلاد سيس اسمه كوكجا بهادر أن يأخذ معه مأتي فارس ويسير بالبرواناه إلى موضع عيّنه له فيقتله، فاستدعى كوكجا بهادر البرواناه وقال له: إن أبغا يريد يركب ورسم لك أن تركب أنت وأصحابك معه، فركب هو ومعه اثنان وثلاثون نفسا من مماليكه وألزامه، فتوجه معه فأخذ به نحو البر، فعلم أن ذلك الأمر لاخير له فيه، فأحاط به وبأصحابه التتار كما يحيط بالزند السوار، وكتفوا أصحابه، فسأل أن يمهلوه ريثما يتوضّا ويصلى، فأمهلوه، فلما فرغ من صلاته قتلوه ومن معه.
وكان أبغا نازلا بمقام الأطاغ، ولما سمع مماليك البرواناه بفتله وهم: علم الدين سنجر البروانيّ، وبر الدين بكتوت أمير آخور، فاجتمعا ومن معهم من كبارهم في مخيمهم وأوتروا قسيهم، ونكثوا بين أيديهم وقالوا: ما نموت إلا مقاتلين، فاضطر الذين ندبوا إلى قتلهم إلى أن شاوروا أبغا، فلما شاوروه على ذلك استحسن هذا الأمر منهم، وقال: هؤلاء مماليك نافعون، فخلوا عنهم، فأطلقوا سبيلهم وأعطوا دستورا إلى بلادهم.
وكان مقتل البرواناه في آخر ذى الحجة من سنة خمس وسبعين وستمائة وقال ابن كثير: كان مقتله في العشر الأول من محرم سنة ست وسبعين وستمائة.
وقال النويري: وكان مقتله على منزل الأطاغ، وقتل معه نيف وثلاثون نفسا من مماليكه وخواصّه.
وقال بيبرس في تاريخه: وكان مقتل البرواناه في آخر صفر من سنة ست وسبعين وستمائة.
ذكر رحيل السلطان الملك الظاهر إلى ناحية دمشق
قد ذكرنا أن السلطان قد أقام في مرج حارم شهر لإراحة عساكره وتربيع خيولهم، ثم رحل عند انقضاء هذه السنة، أعنى سنة خمس وسبعين وستمائة إلى دمشق، ودخلها في خامس المحرم من سنة ست وسبعين وستمائة على ما نذكره إن شاء الله.
وفيها: جهز يعقوب المرينى إلى محمد بن الأحمر نجدة من بنى مرين صحبة محمد وعامر ابنى إدريس، فأنجدوه على الفرنج واتفقوا معهم على شريش مدينة من مدائن الأندلس، فهزموهم هزيمة عظيمة، وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وأرسل إلى يعقوب يشكره ويثنى عليه على إنجاده له وإمداده إياه.
وفيها: "............ " وفيها: حج بالناس ".............. "
ذكر من توفي فيها من الأعيان
الشيخ أبو الفضل عيسى بن الشيخ عبد الله بن عبد الخالق الدمشقي.
مات في هذه السنة، ودفن بالقرب من الشيخ رسلان، وكان مولده سنة أربع وستين وخمسمائة.
الشيخ المحدث شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد عبد الله بن أبي بكر الموصلى، ثم الدمشقي الصوفى.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 151