اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 408
شديدة، هزم على أثرها مطرف، وقتل، ولجأ أخوه حكم بن منذر في فلوله ومن معه من فرسان ألبة إلى القصبة، وامتنعوا بها، فاستمر الهجوم عليهم، وكثر القتل في المدافعين، حتى اضطر حكم أن يطلب الأمان لنفسه ولحلفائه النصارى، ليعودوا إلى بلادهم، ويلحق هو وأهله بالحضرة، فقبل الناصر ونزل حكم ومن معه من القصبة، وأعفى عن النصارى المستأمنين وقتل الباقون. ووقع فتح قلعة أيوب على هذا النحو في التاسع عشر من شهر رمضان من هذه السنة.
وكان فتح قلعة أيوب أول صدع خطير في ثورة بني تجيب، وكان بها، فضلا عن مناعتها الطبيعية، عدة كبيرة من فرسان سرقسطة الأكابر، وخمسمائة من الفرسان النصارى لم ينج منهم سوى الخمسين الذين أمنوا، وقد أفاضت الشعراء في تهنئة الناصر بهذا الفتح، ومن ذلك قصيدة لابن عبد ربه هذا مطلعها:
يا ابن الخلايف والصيد الصناديد ... ألقت إليك الرعايا بالمقاليد
ورأى الناصر، قبل أن يسير إلى سرقسطة، أن يقوم بجولة في أرض النصارى.
فاتجه إلى أراضي ألبة والقلاع، فافتتح عدة كبيرة من حصونها تبلغ السبعة والثلاثين حصناً. واعتزم بعد ذلك أن يعاقب البشكنس على عدوانهم، فسار إلى بسيط بنبلونة، وخرب معاهدها وحصونها، ومزق جموع البشكنس وسحق كل مقاومة، وبعث فرقاً من جيشه إلى مختلف الأنحاء المجاورة فعاثت فيها وأصاب المسلمون غنائم كثيرة. وساد الرعب على البشكنس؛ وهرعت إليه طوطة، ملكة نبرّة تقدم إليه خضوعها وتوبتها، فقبل الناصر اعتذارها وأقر ولدها غرسية ملكاً على نبرّة في طاعته وتحت حمايته؛ وكان ذلك في أواخر رمضان وأوائل شوال من سنة 325 هـ (أغسطس 937 م) [1].
وسار الناصر بعد ذلك إلى تطيلة، ثم سار منها إلى سرقسطة، فنزل عليها في الثاني عشر من شهر شوال، وابتنى حولها المنازل والدور بمحلته، وعهد بحصارها إلى أحمد بن إسحاق القرشي قائد الفرسان، وهو من قرابته، وعينه حاكماً للثغر. ولكنه تهاون في الحصار وتوانى لمرض في قلبه، ولأطماع كانت تجيش بها نفسه، فأنبه عبد الرحمن وعزله، فاتفق مع أخيه أمية على التآمر [1] ابن حيان في المقتبس - السفر الخامس - لوحات 153 و155 و156 أ.
اسم الکتاب : دولة الإسلام في الأندلس المؤلف : عنان، محمد عبد الله الجزء : 1 صفحة : 408