responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 35
تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [1].
وليس هناك من شك في أن القرآن الكريم، كمصدر تاريخي، أصدق المصادر وأصحها على الإطلاق، فهو موثوق السند -كما بينا آنفًا- ثم هو قبل ذلك وبعده كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن ثم فلا سبيل إلى الشك في صحة نصه[2] بحال من الأحوال، لأنه ذو وثاقة تاريخية لا تقبل الجدل، فقد دون في البداية بإملاء الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتلي فيما بعد أمامه وحمل تصديقه النهائي قبل وفاته[3]، ولأن القصص القرآني إنما هو أنباء وأحداث تاريخية، لم تلتبس بشيء من الخيال، ولم يدخل عليها شيء غير الواقع[4]، ثم إن الله -سبحانه وتعالى -قد تعهد- كما أشرنا آنفًا- بحفظه دون تحريف أو تبديل، ومن ثم فلم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند، حيث لم يتكفل الله بحفظها، بل وكلها إلى حفظ الناس، فقال تعالى: "والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله"، أي بما طلب إليهم حفظه[5].
غير أني أود أن أنبه -بعد أن أستغفر الله العظيم كثيرًا- إلى أن القرآن الكريم لم ينزل كتابًا في التاريخ، يتحدث عن أخبار الأمم، كما يتحدث عنها المؤرخون، وإنما هو كتاب هداية وإرشاد للتي هي أقوم، أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون دستورًا للمسلمين، ومنهاجًا يسيرون عليه في حياتهم، يدعوهم إلى التوحيد، وإلى تهذيب النفوس، وإلى وضع مبادئ للأخلاق، وميزان للعدالة في الحكم، واستنباط لبعض الأحكام، فإذا ما عرض لحادثة تاريخية، فإنما للعبرة والعظة[6].
إلا أن القرآن الكريم -مع ذلك- إنما يقدم لنا معلومات مهمة عن عصور ما قبل الإسلام، وأخبار دولها، أيدتها الكشوف الحديثة كل التأييد، كما أننا نجد في

[1] سورة القيامة: آية 17-19، وانظر: تفسير الطبري 1/ 95-97 "طبعة دار المعارف- القاهرة 1374هـ"، تفسير البيضاوي 2/ 522-532، تفسير الطبري 29/ 187-191 "طبعة الحلبي 1954".
[2] طه حسين: الأدب الجاهلي، القاهرة 1933 ص68.
[3] محمد عبد الله دراز: مدخل إلى القرآن الكريم ص49.
[4] عبد الكريم الخطيب: القصص القرآني، القاهرة 1964 ص52.
[5] محمد عبد الله دراز: النبأ العظيم، نظرات جديدة في القرآن ص12-14.
[6] انظر: عن أهداف القرآن ومقاصده: تفسير المنار 1/ 206-293.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست