اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 305
إنما يقصدون أن لقب "تبع" إنما هو أعظم من لقب "ملك"، ومن ثم فإنهم في هذا لم يجانبوا الصواب كثيرًا بالنسبة إلى تاريخ اليمن، فلقد رأينا من قبل -كما في أربع وسمعاي وغيرهما- كثيرًا من مشايخ القبائل والمشيخات الصغيرة، الذين انتحلوا لقب "ملك"، دون أن يكون لديهم شيئًا من مقومات الملكية المعروفة.
على أن أسوأ ما في الأمر، مبالغة الأخباريين فيمن أرسلهم الله، سبحانه وتعالى، من المصطفين الأخيار للتبابعة، فيذهب البعض منهم إلى أنهم كانوا اثني عشر ألف نبي، وإن تواضع البعض، فجعلهم ثلاثة عشر نبيًّا[1]، وأن واحدًا من التبابعة قد صنع "الماذيات" من الحديد، قيل إن الحديد إنما قد سخر له، شأنه في ذلك شأن داود عليه السلام[2].
هذا وقد تحدث القرآن الكريم عن التبابعة، فقال سبحانه وتعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [3]، وقال: {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ} [4]، إلا أن القرآن الكريم لم يحدد اسم هذا آل "تبع"، ومن ثم فقد اختلف المفسرون فيه، فرأى بعضهم أنه من حمير، وأنه حَيَّرَ الحيرةَ، وأتى سمرقند فهدمها، وذهب بعض آخر إلى أن "تبعًا" إنما كان رجلا صالحًا من العرب، وإنه لما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك؛ لأنه فارق دينهم، وانتهى الأمر بأن تحاكموا إلى النار، فانتصر الرجل على قومه الوثنيين، ومن ثم فقد تهودت حمير، وهدم تبع "بيت رئام"[5]، على أن الرواية نفسها، إنما رويت كذلك عن "تبان أسعد أب كرب"[6] وعلى أي حال فإن هناك من يروي عن مولانا وسيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] ابن كثير 2/ 159. [2] تفسير ابن كثير 4/ 142، تفسير الطبرسي 25/ 115، تفسير الخازن 4/ 115، اللسان 8/ 31. [3] سورة الدخان: آية 37، وانظر تفسير الطبري 25/ 128-129 طبعة الحلبي 1954، تفسير القرطبي 16/ 144-147 دار الكاتب العربي - القاهرة 1967 تفسير البيضاوي 2/ 376-377 طبعة الحلبي 1968. [4] سورة ق: آية 14. [5] تفسير الطبري "25/ 128-129، تفسير البيضاوي 2/ 376-377، تفسير القرطبي 16/ 146، تفسير الجلالين "نسخة على هامش البيضاوي" 2/ 376، 414، قارن ملوك حمير وأقيال اليمن ص113. [6] ابن كثير: البداية والنهاية 2/ 164-166.
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 305