اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 115
وكان الجمل -وليس الحصان- هو الذي يذكر عند جمع الجزية التي كان يفرضها الفاتحون الآشوريون على العربي والعربية، فالملك الآشوري "تجلات بلاسر الثالث" "745-727ق. م" يفرض على الملكة "شمسي" جزية "جمالًا ونياقًا"[1]، وإن رأينا الخيل، بجوار الجمال، في الجزية التي قدمت للملك "سرجون الثاني" "722-705ق. م"[2]، والذي جاء بعد سليمان "960-922ق. م" بأكثر من قرنين ونصف من الزمان، وفي جيش "إكزركسيس الأول" "486-465ق. م" الذي كان متجهًا إلى بلاد اليونان لفتحها، ظهر العرب يركبون جمالا[3]، وأخيرًا، فلقد أنكر "سترابو" وجود الحصان في شبه الجزيرة العربية[4].
وأيًّا ما كان الأمر، فإن بيئة الصحراء ليست أمثل بيئة لتأقلم الخيل، فالعروض الجنوبية الحارة لا تلائمها، وهذا هو السبب في أن الخيل لا تسود في الصحراء، إلا في أقصى نطاقاتها شمالا، والسطح الرملي لا يلائم حوافر الخيل، ولذلك تميل الخيل في نطاقاتها إلى التركيز في صحراء الحمادة، أكثر منها في صحراء الأرج، كذلك يدفع الإنسان ثمن التأقلم باهظًا، فالخيل ليست حلوبًا بدرجة الإستبس، لفقر مراعي الصحراء، بل قد ينبغي إطعام الخيل بلبن الجمل، وبالحبوب المستوردة من بعيد، أو بالأسماك على السواحل، كما في منطقة الخليج العربي، كما ينبغي الاهتمام بها اهتمامًا خاصًّا[5]، ربما كان اهتمامًا يفوق حد المعقول، وقد لاحظ "ألويس موسل" أن البدوي وذويه قد يبيتون على الطوى في سبيل توفير شيء من الحليب أو الحبوب، لفرس عندهم ذات فلوة[6].
وهكذا كان اقتناء الخيول هواية وكمالية، لا يقدر عليها إلا من كان على سعة من عيش، ولهذا تصبح سمة من سمات الأبهة والعظمة والتفاخر في المجتمع، [1] A.T. OLMSTEAD, HISTORY OF ASSYRIA, P.189
وكذا ANET, 1966, P.280
وكذا N. ABBOT, PRE-ISLAMIC ARAB QUEENS, IN AJSL, 58, 1941, P.4 [2] ANET, 1966, P.284. وكذا A.G. LIE, THE INSCRIPTION OF SARGON, II, P.5 [3] فيليب حتي: تاريخ العرب -الجزء الأول، ص25 "بيروت 1965"،
وكذا HERODOTUS, VII, 86, 8 [4] STRABO, GEOGRAPHY, XVI, 4, 2, 26. وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.19-20 [5] جمال حمدان: المرجع السابق ص92. [6] A.MUSIL, THE MANNERS AND CUSTOMS OF THE RWALA BEDOUINS,
P.374-5
اسم الکتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم المؤلف : محمد بيومى مهران الجزء : 1 صفحة : 115