responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 268
ومما تجدر الإشارة إليه، أن العرب لم يكونوا يزوجون بناتهم في غير العرب، وأن الفتيات البدويات لم يكنَّ يحببن الزواج في الحضر، وأن المرأة المرغوب فيها هي الولود التي تنجب كثيرًا من البنين؛ لأنهم عماد الأسرة العربية، التي اعتادت أن تعيش في حراسة السواعد المفتولة والرماح السمهرية.
كان العربي يغار على نسائه، ويحرص عليهن، ويعتبر العرض أغلى من النفس والمال والولد[1]؛ ولذلك كان الرجال يصطحبون نساءهم في الغزوات والحروب، ويجعلونهن في مؤخرة الجيش، خوفًا من مباغتة العدو لهن في مضارب القبيلة والرجال غائبون، وكي يدرك المحارب أن هزيمته ستجعل عرضه مباحًا لأعدائه، فيستميت في القتال ليجنب نساءه السبي. وفضلا عن ذلك، فإن النساء في المؤخرة كنَّ يعنين بالمرضى، ويضمدن جراح المصابين، كما يشجعن المحاربين، ويأخذن بتلابيب الفارين من ساحة القتال. ففي موقعة ذي قار وقفت امرأة من بني عجل، تنشد مستحثة الرجال على الجلاد:
إن تهزموا نعانق ... ونفرش النمارق
أو تُهزَموا نفارق ... فراق غير وامق

[1] المعتقد أن الجاهليين كانوا يعاقبون الزانية بالرجم، فجاء الإسلام وأقر ذلك.
معاملة الأولاد:
إن أولوية الرجل في الأسرة الجاهلية قد جعلت للأب سلطة على أفراد عائلته، وقد تصل إلى حد تجعل للآباء على أولادهم حق التصرف بمصائرهم، ففي بعض الأحيان كانوا يجعلون أولادهم رهائن في أيدي خصومهم؛ فيؤدي ذلك أحيانا إلى قتل هؤلاء لهم، وإذا استثنينا هذه الحالة الشاذة، ومثلها ما كان من وأد البنات، فإن العربي كان يعامل أبناءه معاملة تنطوي على العطف والحنان والمحبة[1] مع حرصه على تربيتهم تربية خشنة،

[1] كقول أحد شعراء الجاهلية:
وأنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على الأرض
وكقول أمية بن أبي الصلت يخاطب ولده:
غدوتك مولودًا وعلتك يافعًا ... تُغَلُّ بما أُدني إليك وتُنهل
إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت ... لشكواك إلا ساهرًا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني وعيني تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي منك جَبْهًا وغلظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
اسم الکتاب : تاريخ العرب القديم المؤلف : توفيق برو    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست