اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 455
تطور موازين القوى في معسكر علي، وهو بانتظار وصول عمرو بن العاص الذي استدعاه من فلسطين لمشاورته في الأمر؛ لذلك أجل رده إلى ما بعد وقعة الجمل، وأمسك الرسول[1].
ووجد معاوية في عمرو بن العاص، سندًا قويًا، فأشركه في مشروعه ووعده بمنحه ولاية مصر مدى الحياة في حال انتصاره، وبأنه سوف يساعده في تجاوز العقبات الداخلية والخارجية، ونصحه بتنظيم دعاية في أوساط مقاتلة الشام، وفلسطين ضد علي، وتحميله مسئولية قتل عثمان وإيواء قتلته، ثم يقاتله بهم[2]، فاستدعى شرحبيل بن السمط الكندي، وهو من أشراف كندة، والرجل الأكثر تأثيرًا في بلاد الشام، قبليًا، وفيما يتعدى المزعامة القبلية، وأقنعه بمسئولية علي عن تفجير الوضع، ودعاه إلى دعمه للمطالبة بدم عثمان، فجال هذا في مختلف المدن الشامية يروج لأفكاره، ونجح في استقطاب أهالي الشام باستثناء أهل حمص[3]، وكان ذلك كافيًا لدعم موقف معاوية ومطالبه، الأمر الذي سمح له بأن يعيد رسول علي مزودًا بشرطين:
الأول: القصاص من قتله عثمان.
الثاني: الشورى لانتخاب خليفة جديد[4].
كان ذلك الرد بمثابة إعلان حرب، إذن هناك نقطتان أساسيتان تشكلان مضمون الصراع من جانب معاوية: الأولى ذات صلة بمقتل عثمان، والثانية متعلقة بمسألة شرعية السلطة[5]، وشدد على النقطة الأولى أمام مقاتلة الشام الأشد تأثرًا بالدعوة للانتقام للخليفة المقتول، وهو يستند إلى كونه وليًا له بسبب قرابته منه[6]، وأمام القراء الأقل تحمسًا للسير معه، وعندما طلب منه هؤلاء تبرير موقفه أجابهم: "إذا كان علي لم يقتل عثمان فقد تواطأ على قتله، وحمى القتلة الذين يشكلون محيطه ونواة أتباعه"[7]، وعلى هذا النحو ربط بين عنصري الصراع، فكرة المطالبة بدم عثمان، والدعوة إلى الشورى[8]، لكنه لم يتمكن من توجيه تهمة مباشرة لعلي بالضلوع في [1] ابن مزاحم: ص55. [2] الطبري: ج4 ص558، 559. [3] ابن مزاحم: ص50. [4] المصدر نفسه: ص56. [5] جعيط: ص188. [6] ابن مزاحم: ص32، 132. البلاذري: ج3 ص66، 67. ابن قتيبة: ج1 ص85، 86. [7] ابن مزاحم: ص85-87. [8] البلخي: ج2 ص224.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 455