اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 454
وعبأ محمد بن أبي بكر أتباعه لمواجهة الزحف الشامي، وطلب نجدة عاجلة من علي، إلا أنه واجه عدة صعاب لم يتمكن من تجاوزها:
- فقد تعرض لعملية تهديد نفسي من جانب معاوية والعثمانية، بسبب موقفه المناوئ لعثمان، وكان مهددًا بأشد عقوبات القصاص، وتصح بإخلاء الساحة.
- لقد وعده علي بإرسال الإمدادات إليه، ولكن حثه على الاعتماد على قواه الذاتية.
- لقد تعرضت قواته لارتدادات، مما أدى إلى تراجع قوته القتالية، وأدى في المقابل إلى تضخم صفوف الجيش الأموي، فانقلب ميزان القوى لغير صالحه.
وخاض محمد بن أبي بكر معركة المسناة، وهو في وضع مزعزع مما أدى إلى انهزامه، ودافع عن نفسه حتى الموت، ويبالغ أبو مخنف في روايته الملحمية حول نهايته: فقد وجد نفسه وحيدًا بعد المعركة، فلجأ إلى مكان خرب حيث كشف أمره فلاحون، فأخذه معاوية بن حديج وأعدمه، خوفًا منأن يعفو عمرو بن العاص عنه، ثم أدخله في جيفة حمار وأحرقه[1]، والواضح أن هذا التصرف القاسي، والرهيب الذي يطال رجلًا مسلمًا، مهما كانت مواقفه السياسية، وهو أمر مستهجن، وبعيد عن مبادئ الإسلام السمحة. [1] الطبري: ج5 ص104، 105.
معركة صفين:
مرحلة المفاوضات:
ظل علي يأمل في استقطاب معاوية، وتجنيب المسلمين مزيدًا من إراقة الدماء، وقدم نفسه منذ البداية على أنه طالب حق، فأرسل إليه رسولًا من الكوفة في شهر "رجب 36هـ/ كانون الثاني 657م"، هو جرير بن عبد الله البجلي، ومن فاتحي العراق الأوائل ورئيس قبيلة بجيلة، وأحد الأشراف الذين تعاون عثمان معهم، وأحد زعماء القبائل الذين تجنبوا الاشتراك في وقعة الجمل، واقتصرت مهمته على حمل معاوية على البيعة، ودعوته إلى الطاعة والجماعة[1].
ويبدو أن معاوية كان يواجه آنذاك موقفًا حرجًا، فهو لم يكن مطمئنًا على الوضع في مصر، ويرغب في تجييدها أو الاستيلاء عليها، كما أنه كان يتعرض لضغط بيزنطي متزايد، ولا بد له من تهيئة أهل الشام وتعبئتهم إلى جانبه، كما كان يراقب [1] ابن مزاحم، نصر: كتاب وقعة صفين ص27، 28، ابن قتيبة: ج1 ص79، 80، الطبري: ج4 ص561.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 454