اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 379
بالعقيدة النصرانية الأرثوذكسية منذ عام 431م، وقد صهرت الكنيسة شعب الجزيرة، وجعلت منه وحدة اجتماعية ودينية وثقافية، كما أن الروابط القديمة القوية بين رجال الدين، والسكان خلقت نوعًا من الشعور بالتضامن الاجتماعي في ظل سمة قائمة على مدار العصور المتتالية، التي خضعت فيها الجزيرة للسيادة الأجنبية[1].
وعندما فتح المسلمون الثغور البحرية، أضحت هذه عرضة لهجمات البيزنطيين المنطلقين من الجزر القريبة، ونظرًا؛ لأن الصراع العسكري بين المسلمين، والبيزنطيين كان بأحد وجهيه بحريًا، أدرك معاوية أهمية بناء أسطور إسلامي بهدف:
- الدفاع عن السواحل.
- غزو الجزر البحرية المواجهة لساحل بلاد الشام.
- الدفاع عن المناطق الداخلية المفتوحة.
- استمرار العلاقات التجارية الخارجية مع دول البحر المتوسط، وبخاصة أن هذا البحر كان لا يزال تحت قبضة البيزنطيين[2].
وتنفيذًا لهذا المخطط كتب إلى عمر بن الخطاب يطلب منه السماح بركوب البحر، وغزو الجزر القريبة من ساحل بلاد الشام، لكن الخليفة لم يأذن له إذ "كان يكره أن يحمل المسلمين غزاة فيه"، وكتب إليه بترميم حصون الثغور البحرية، وترتيب المقاتلة فيها، وإقامة الحرس على مناظرها، واتخاذ المواقيد لها، لحمايتها من غارات البيزنطيين[3].
وحدث في أواخر أيام عمر وأوائل عهد عثمان أن استعاد البيزنطيون بعض المدن الساحلية، كما استردوا مدينة الإسكندرية، فأدرك معاوية أنه لا بد من إنشاء أسطول إسلامي للتصدي للخطر البيزنطي، وفتح الجزر البحرية التي ينطلق منها العدو، واتخاذها قواعد انطلاق لغزو القسطنطينية، وهو الهدف الأسمى للمسلمين، ونجح في إقناع عثمان بركوب البحر، وسمح له بغزو قبرص على أن يحمل معه امرأته فاختة بنت قرظة وولده، حتى يعلم أن البحر هين كما صوره، له، وأمره بعدم إجبار الناس على الركوب معه إلا من اختار الغزو طائعًا[4].
وفور الحصول على موافقة الخليفة، قرر معاوية إصلاح المراكب التي استولى [1] دائرة المعارف الإسلامية: ج26 ص8068، مركز الشارقة للإبداع الفكري 1998. [2] أرشيبالد، لويس: القوى البحرية والتجارية في حوض البحر المتوسط ص89. [3] البلاذري: ص134. [4] المصدر نفسه: ص157، 158، الطبري: ج4 ص260.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل الجزء : 1 صفحة : 379