responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 312
ووضع خطة عسكرية ضمنت له النصر في النهاية؛ قضت بتشديد الحصار على المدينة حتى يتضايق المدافعون عنها، ويدب اليأس في نفوسهم، فيضطروا للخروج للاصطدام بالمسلمين لتخفيف وطأة الحصار، وهكذا يستدرجهم ويحملهم على الخروج من تحصيناتهم ثم ينقض عليهم، لذلك نقل معسكره إلى مكان بعيد عن مرمى المجانيق، بين الحلوة وقصر فارس، استمر الوضع على ذلك مدة شهرين لم يخرج البيزنطيون من تحصيناتهم للقتال[1]، سوى مرة واحدة حيث خرجت قوة عسكرية بيزنطية من ناحية البحيرة، واشتبكت مع قوة إسلامية، ثم ارتدت إلى الحصن، ولعلها كانت بمثابة قوة استطلاع أو جس نبض.
ورأى عمرو أن يقوم بعمل عسكري يشغل به جنوده، إذ إن الانتظار قد يؤثر على معنوياتهم القتالية، ويدفعهم إلى الخمول، فشغلهم بالغارات على الدلتا، وأبقى معظم جنوده على حصار الإسكندرية.
ونتيجة لاشتداد الصراع في القسطنطينية بين أركان الحكم، انقطعت الإمدادات البيزنطية عن الإسكندرية، إذ لم يعد أحد منهم يفكر في الدفاع عنها، مما أثر سلبًا على معنويات المدافعين عنها، فرأوا أنفسهم معزولين ولا سند لهم، ومما زاد من مخاوفهم ما كان يقوم به المسلمون من غارات على قرى الدلتا والساحل، فإذا سيطروا عليه فسوف يقطعون الميرة عنهم.
كان عمر بن الخطاب في المدينة ينتظر أنباء مصر، وهو أشد ما يكون استعجالًا لنبأ سقوط الإسكندرية في أيدي المسلمين، ولكن هذا النبأ أبطأ عنه أشهرًا، فراح يبحث عن السبب، وهو لم يقصر عن إمداد عمرو بما يحتاج إليه من المساندة التي تكفل له النصر، وخشي أن تكون خيرات مصر قد أغرت المسلمين، فتخاذلوا، وقال لأصحابه: "ما أبطأوا بفتحها إلا لما أحدثوا"[2]، ثم كتب إلى عمرو يقول له: "أما بعد، فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر، إنكم تقاتلونهم منذ سنتين، وما ذلك إلا لما أحدثتم، وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قومًا إلا بصدق نياتهم، وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر، وأعلمتك أن الرجل منهم مقاوم ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكونوا غيرهم غيرهم، فإذا أتاك كتابي هذا، فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم، ورغبهم في الصبر والنية، وقدم أولئك الأربعة في صدور الناس، ومر الناس جميعًا أن يكون لهم صدمة كصدمة رجل

[1] ابن عبد الحكم: ص157، 158.
[2] المصدر نفسه: ص162.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية المؤلف : طقوش، محمد سهيل    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست