responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 344
يملأ به كفه، وسحت يجمع به فمه، وحرام يطعم حرمه، حتى كان عرضة للهوان، وأكلة لأهل الأوان.
فلما توفي المستكفي والسلطان عليه في حدة غضبه، وتياره المتحامل عليه في شدة غلبه، طلب هذا الواثق المغتر، والمائق إلا أنه غير المضطر، وكان ممن يمشي إلى السلطان في عمه بالنميمة، ويعقد مكائده على رأسه عقد التميمة، فحضر إليه وأحضر معه عهد جده، فتمسك السلطان في مبايعته بشبهته، وصرف في وجه الخلافة إلى جهته، وكان قد تقدم نقض ذلك العهد، ونسخ ذلك العقد، وقام قاضي القضاة أبو عمر بن جماعة في صرف رأي السلطان عن إقامة الخطبة باسم الواثق فلم يفعل، واتفق الرأيان على طرق الخطبة للاثنين، واكتفى فيها بمجرد ذكر اسم السلطان، فرحل بموت المستكفي اسم الخلافة عن المنابر كأنه ما علا ذروتها، وخلا الدعاء للخلفاء من المحاريب كأنه ما قرع بابها ومروتها، فكأنما كان آخر خلفاء بني العباس وشعارها عليه لباس الحداد، وأغمدوا تلك السيوف الحداد، ثم لم يزل الأمر على هذا حتى حضرت السلطان الوفاة، وقرع الموت صفاه، فكان مما أوصى به رد الأمر إلى أهله، وإمضاء عهد المستكفي لابنه، وقال: الآن حصحص الحق، وحنا على مخالفيه ورق، وعزل إبراهيم وهزل، وكان قد رعى البهم، وستر اللؤم بثياب أهل الكرم، وتسمن وشحمه ورم، وتسمى بالواثق وأين هو من صاحب هذا الاسم الذي طال ما سرى رعبه في القلوب، واقضت هيبته مضاجع الجنوب؟ وهيهات لا تعد من النسر التماثيل، ولا الناموسة وإن طال خرطومها كالفيل، وإنما سوق الزمان قد ينفق ما كسد، والهر يحكي انتفاخًا صورة الأسد، وقد عاد الآن يعض يديه، ومن يهن يسهل الهوان عليه. هذا آخر كلام ابن فضل الله.

الحاكم بأمر الله أبو العباس بن المستكفي1
الحاكم بأمر الله: أبو العباس أحمد بن المستكفي، كان أبوه لما مات بقوص عهد إليه بالخلافة، فقدم الملك الناصر عليه إبراهيم بن عمه، لما كان في نفسه من المستكفي، وكانت سيرة إبراهيم قبيحة، وكان القاضي عز الدين بن جماعة قد جهد كل الجهد في صرف السلطان عنه فلم يفعل، فلما حضرته الوفاة أوصى الأمراء برد الأمر إلى ولي عهد المستكفي ولده أحمد، فلما تسلطن المنصور أبو بكر بن الناصر عقد مجلسًا يوم الخميس حادي عشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين، وطلب الخليفة إبراهيم وولي العهد أحمد والقضاة، وقال: من يستحق الخلافة شرعًا؟ فقال ابن جماعة: إن الخليفة المستكفي المتوفى بمدينة قوص أوصى بالخلافة من بعده لولده أحمد، وأشهد عليه أربعين عدلًا بمدينة قوص، وثبت ذلك عندي بعد ثبوته عند نائبي بمدينة قوص، فخلع السلطان حينئذ، إبراهيم، وبايع أحمد، وبايعه القضاة، ولقب الحاكم بأمر الله لقب جده.
وقال ابن فضل الله في المسالك في ترجمته: هو إمام عصرنا، وغمام مصرنا، قام على

1 تولى الخلافة سنة 742هـ وحتى 753هـ.
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست