responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 345
غيظ العدا، وغرق بفيض الندى، وصارت له الأمور إلى مصائرها، وسيقت إليها بصائرها، فأحيا رسوم الخلافة، ورسم بما لم يستطع أحد خلافه، وسلك مناهج آبائه وقد طمست، وأحياها بمباهج أبنائه وقد درست، وجمع شمل بني أبيه وقد طال بهم الشتات، وأطال عذرهم وقد اختلف السبات، ورفع اسمه على ذرا المنابر وقد عبر مدة لا يطلع إلا في آفاقه تلك النجوم، ولا يسبح إلا في سبحة تلك الغيوم والسجوم، طلب بعد موت السلطان وأنفذ حكم وصيته، في تمام مبايعته والتزام متابعته، وكان أبوه قد أحكم له بالعقد المتقدم عقدها، وحفظ له عند ذوي الأمانة عهدها، ثم تسلطن الملك المنصور أبو بكر بن السلطان، وعمر له من تحت الملك الأوطان.
قال ابن فضل الله: وقد كتبت له صورة المبايعة وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّه} [الفتح: 10] إلى قوله: {عَظِيمًا} هذه بيعة رضوان، وبيعة إحسان، وجمعية رضا يشهدها الجماعة ويشهد عليها الرحمن، بيعة يلزم طائرها العنق، ويحوم بسائرها ويحمل أنباءها البراري والبحار مشحونة الطرق، بيعة يصلح الله بها الأمة، ويمنح بسببها النعمة، ويتجارى الرفاق، ويسري الهناء في الآفاق، وتتزاحم لزهر الكواكب على حوض المجرة الدقاق، بيعة سعيدة ميمونة، شريفة بها السلامة في الدين والدنيا مضمونة، بيعة صحيحة شرعية، ملحوظة مرعية، بيعة تسابق إليها كل نية، وتطاوع كل طوية، ويجتمع عليها شتات البرية، بيعة يستهل بها الغمام، ويتهلل البدر التمام، بيعة متفق عليها الإجماع والاجتماع، ولبسط الأيدي إليها انعقد عليها الإجماع، فاعتقد صحتها من سمع لله وأطاع، وبذل في تمامها كل امرئ ما استطاع، وحصل عليها اتفاق الأبصار والأسماع، ووصل بها الحق إلى مستحقه وأقره الخصم وانقطع النزاع، يضمنها كتاب مرقوم يشهده المقربون، وتلقاه الأئمة الأقربون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس وإلينا ولله الحمد وإلى بني العباس، أجمع على هذه البيعة أرباب العقد والحل، وأصحاب الكلام فيم قل وجل، والولاة والحكام وأرباب المناصب والأحكام، ملة العلم والأعلام، وحماة السيوف والأقلام، وأكابر بني عبد مناف، ومن انخفض قدره وأناف، وسروات قريش ووجوه بني هاشم والبقية الطاهرة من بني العباس، وخاصة الأئمة وعامة الناس، بيعة ترى بالحرمين خيامها، وتخفق بالمأزمين أعلامها، وتعرف بعرفات بركاتها، وتعرف بمنى ويؤمن عليها يوم الحج الأكبر، وتؤم ما بين الركن والمقام والحجر، ولا يبتغي بها إلا وجه الله الكريم، بيعة لا يحل عقدها، ولا ينبذ عهدها، لازمة جازمة، دائبة دائمة، تامة عامة، شاملة كاملة، صحيحة صريحة، متبعة مريحة، ولا من يوصف بعلم ولا قضاء، ولا من يرجع إليه في اتفاق ولا إمضاء، ولا إمام مسجد ولا خطيب، ولا ذو فتوى يسأل فيجيب، ولا لزم المساجد ولا من تضمهم أجنحة المحاريب، ولا من يجتهد في رأي فيخطئ أو يصيب، ولا محدث بحديث، ولا متكلم في قديم وحديث، ولا معروف

اسم الکتاب : تاريخ الخلفاء المؤلف : السيوطي، جلال الدين    الجزء : 1  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست