اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 818
جماعة من الوشّاحين اجتمعوا في مجلس بأشبيليّة وكان كلّ واحد منهم اصطنع موشّحة وتأنّق فيها فتقدّم الأعمى الطّليطليّ للإنشاد فلمّا افتتح موشّحته المشهورة بقوله:
ضاحك عن جمان. سافر عن درّ [1] ... ضاق عنه الزّمان. وحواه صدري
صرف [2] ابن بقيّ موشّحته وتبعه الباقون. وذكر الأعلم البطليوسيّ أنّه سمع ابن زهر يقول: ما حسدت قطّ وشّاحا على قول إلّا ابن بقيّ حين وقع له:
أما ترى أحمد. في مجده العالي لا يلحق ... أطلعه الغرب. فأرنا مثله يا مشرق
وكان في عصرهما من الموشّحين المطبوعين أبو بكر الأبيض. وكان في عصرهما أيضا الحكيم أبو بكر بن باجة صاحب التّلاحين المعروفة ومن الحكايات المشهورة أنّه حضر مجلس مخدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشّحته الّتي أوّلها:
جرّر الذّيل أيما جرّ ... وصل الشّكر منك بالشّكر
فطرب الممدوح لذلك لمّا ختمها بقوله:
عقد الله راية النّصر ... لأمير العلا أبي بكر
فلمّا طرق ذلك التّلحين سمع ابن تيفلويت صاح: وا طرباه: وشقّ ثيابه وقال: ما أحسن ما بدأت وختمت وحلف بالأيمان المغلّظة لا يمشي ابن باجة إلى داره إلّا على الذّهب. فخاف الحكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا في نعله ومشى عليه. وذكر أبو الخطّاب بن زهر أنّه جرى في مجلس أبي بكر بن زهير ذكر أبي بكر الأبيض الوشّاح المتقدّم الذّكر فغصّ منه بعض الحاضرين فقال كيف تغصّ ممّن يقول: [1] وفي نسخة أخرى: بدر. [2] وفي نسخة أخرى: حرق.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 818