اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 512
يزاد التّراب ثانيا وثالثا إلى أن يمتلئ ذلك الخلاء بين اللّوحين وقد تداخلت أجزاء الكلس والتّراب وصارت جسما واحدا. ثمّ يعاد نصب اللّوحين على صورة [1] ويركز كذلك إلى أن يتمّ وينظّم الألواح كلّها سطرا من فوق سطر إلى أن ينتظم الحائط كلّه ملتحما كأنّه قطعة واحدة ويسمّى الطّابية وصانعه الطّوّاب. ومن صنائع البناء أيضا أن تجلّل الحيطان بالكلس بعد أن يحلّ بالماء ويخمّر أسبوعا أو أسبوعين على قدر ما يعتدل مزاجه عن إفراط النّاريّة المفسدة للإلحام. فإذا تمّ له ما يرضاه من ذلك علاه [2] من فوق الحائط وذلك إلى أن يلتحم. ومن صنائع البناء عمل السّقف بأن يمدّ الخشب المحكمة النّجارة أو السّاذجة على حائطي البيت ومن فوقها الألواح كذلك موصولة بالدّسائر ويصبّ عليها التّراب والكلس ويبسط [3] بالمراكز حتّى تتداخل أجزاؤها وتلتحم ويعالى عليها الكلس كما يعالى على الحائط. ومن صناعة البناء ما يرجع إلى التّنميق والتّزيين كما يصنع من فوق الحيطان الأشكال المجسّمة من الجصّ يخمّر بالماء ثمّ يرجع جسدا [4] وفيه بقيّة البلل، فيشكّل على التّناسب تخريما بمثاقب الحديد إلى أن يبقى له رونق ورواء. وربّما عولي على الحيطان أيضا بقطع الرّخام أو الآجرّ أو الخزف أو بالصّدف أو السّبج يفصّل أجزاء متجانسة أو مختلفة وتوضع في الكلس على نسب وأوضاع مقدّرة عندهم يبدو به الحائط للعيان، كأنّه قطع الرّياض المنمنمة. إلى غير ذلك من بناء الجباب والصّهاريج لسفح [5] الماء بعد أن تعدّ في البيوت قصاع الرّخام القوراء المحكمة الخرط بالفوهات في وسطها لنبع الماء الجاري إلى الصّهريج يجلب إليه من خارج القنوات المفضية إلى البيوت وأمثال ذلك من أنواع البناء. وتختلف الصّنّاع في جميع ذلك باختلاف الحذق والبصر ويعظم عمران [1] وفي نسخة أخرى: على الصورة الأولى. [2] وفي نسخة أخرى: عالاه. [3] وفي نسخة أخرى: ويبلط. [4] وفي النسخة الباريسية: ثم يرفع مجسدا. [5] وفي نسخة أخرى: لسبح.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 512