اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 445
بها وجاء في فضلها من الأحاديث الصّحيحة ما لا خفاء به ووقع الخلاف بين العلماء في تفضيلها على مكّة وبه قال مالك رحمه الله لما ثبت عنده في ذلك من النّصّ الصّريح عن رفيع بن مخدج أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال المدينة خير من مكّة نقل ذلك أبو الوهّاب في المعونة إلى أحاديث أخرى تدلّ بظاهرها على ذلك وخالف أبو حنيفة والشّافعيّ. وأصبحت على كلّ حال ثانية المسجد الحرام وجنح إليها الأمم بأفئدتهم من كلّ أوب فانظر كيف تدرّجت الفضيلة في هذه المساجد المعظّمة لما سبق من عناية الله لها وتفهّم سرّ الله في الكون وتدريجه على ترتيب محكم في أمور الدّين والدّنيا. وأمّا غير هذه المساجد الثّلاثة فلا نعلمه في الأرض إلّا ما يقال من شأن مسجد آدم عليه السّلام بسرنديب من جزائر الهند لكنّه لم يثبت فيه شيء يعوّل عليه وقد كانت للأمم في القديم مساجد يعظّمونها على جهة الدّيانة بزعمهم منها بيوت النّار للفرس وهياكل يونان وبيوت العرب بالحجاز الّتي أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهدمها في غزواته وقد ذكر المسعوديّ منها بيوتا لسنا من ذكرها في شيء إذ هي غير مشروعة ولا هي على طريق دينيّ ولا يلتفت إليها ولا إلى الخبر عنها ويكفي في ذلك ما وقع في التّواريخ فمن أراد معرفة الأخبار فعليه بها والله يهدي من يشاء سبحانه
.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 445