responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 408
يعقوب المذكور هذا آخر ما اطّلعنا عليه أو بلغنا من كلام هؤلاء المتصوّفة وما أورده أهل الحديث من أخبار المهديّ قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا والحقّ الّذي ينبغي أن يتقرّر لديك أنّه لا تتمّ دعوة من الدّين والملك إلّا بوجود شوكة عصبيّة تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتّى يتمّ أمر الله فيه. وقد قرّرنا ذلك من قبل بالبراهين القطعيّة الّتي أريناك هناك وعصبيّة الفاطميّين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الآفاق ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيّتهم على عصبيّة قريش إلّا ما بقي بالحجاز في مكّة وينبع بالمدينة من الطّالبين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر وهم منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها وهم عصائب بدويّة متفرّقون في مواطنهم وإماراتهم يبلغون آلافا من الكثرة فإن صحّ ظهور هذا المهديّ فلا وجه لظهور دعوته إلّا بأن يكون منهم ويؤلّف الله بين قلوبهم في اتّباعه حتّى تتمّ له شوكة وعصبيّة وافية بإظهار كلمته وحمل النّاس عليها وأمّا على غير هذا الوجه مثل أن يدعو فاطميّ منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من الآفاق من غير عصبيّة ولا شوكة إلّا مجرّد نسبة في أهل البيت فلا يتمّ ذلك ولا يمكن لما أسلفناه من البراهين الصّحيحة. وأمّا ما تدّعيه العامّة والأغمار من الدّهماء ممّن لا يرجع في ذلك إلى عقل يهديه ولا علم يفيده فيجيبون [1] ذلك على غير نسبة وفي غير مكان، تقليدا لما اشتهر من ظهور فاطمي ولا يعلمون حقيقة الأمر كما بيّنّاه وأكثر ما يجيبون [2] في ذلك القاصية من الممالك وأطراف العمران مثل الزّاب بإفريقيّة والسّوس من المغرب. ونجد الكثير من ضعفاء البصائر يقصدون رباطا بماسة لما كان ذلك الرّباط بالمغرب من الملثّمين من كدالة واعتقادهم أنّه منهم أو قائمون بدعوته زعما لا مستند لهم إلّا غرابة تلك الأمم وبعدهم عن يقين المعرفة بأحوالها من كثرة أو قلّة أو ضعف أو قوّة ولبعد القاصية عن منال الدّولة وخروجها عن نطاقها فتقوى عندهم الأوهام في ظهوره هناك بخروجه عن ربقة

[1] وفي نسخة أخرى: ولا علم يقيده، فيتحينون.
[2] وفي نسخة أخرى: يتحينون.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 408
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست