responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 375
على لمتونة فمكثوا نحوا من ثلاثين سنة يحاربونهم حتّى استولوا على كرسيّهم بمرّاكش وكذا بنو مرين من زناتة خرجوا على الموحّدين فمكثوا يطاولونهم نحوا من ثلاثين سنة واستولوا على فاس واقتطعوها وأعمالها من ملوكهم ثمّ أقاموا في محاربتهم ثلاثين أخرى حتّى استولوا على كرسيّهم بمراكش حسبما نذكر ذلك كلّه في تواريخ هذه الدّول فهكذا حال الدّول المستجدّة مع المستقرّة في المطالبة والمطاولة سنّة الله في عباده ولن تجد لسنّة الله تبديلا. ولا يعارض ذلك بما وقع في الفتوحات الإسلاميّة وكيف كان استيلاؤهم على فارس والرّوم لثلاث أو أربع من وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم واعلم أنّ ذلك إنّما كان معجزة من معجزات نبيّنا سرّها استماتة المسلمين في جهاد عدوّهم استبعادا بالإيمان وما أوقع الله في قلوب عدوهم من الرّعب والتّخاذل فكان ذلك كلّه خارقا للعادة المقرّرة في مطاولة الدّول المستجدّة للمستقرّة وإذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبيّنا صلوات الله عليه المتعارف ظهورها في الملّة الإسلاميّة والمعجزات لا يقاس عليها الأمور العاديّة ولا يعترض بها والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التّوفيق.
الفصل الحادي والخمسون في وفور العمران اخر الدولة وما يقع فيها من كثرة الموتان والمجاعات
اعلم أنّه قد تقرّر لك فيما سلف أنّ الدّولة في أوّل أمرها لا بدّ لها من الرّفق في ملكتها [1] والاعتدال في إيالتها إمّا من الدّين إن كانت الدّعوة دينيّة أو من المكارمة والمحاسنة الّتي تقتضيها البداوة الطّبيعيّة للدّول وإذا كانت الملكة رفيقة محسنة انبسطت آمال الرّعايا وانتشطوا للعمران وأسبابه فتوفّر ويكثر التّناسل وإذا كان ذلك كلّه بالتّدريج فإنّما يظهر أثره بعد جيل أو جيلين في الأقلّ وفي

[1] بمعنى ملكها.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 375
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست