responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 342
دفعة وقد تورّطوا فيتلفّتون إلى النّجاة وأمثال ذلك وإمّا أن تكون تلك الأسباب الخفيّة أمورا سماويّة لا قدرة للبشر على اكتسابها تلقى في القلوب فيستولي الرّهب عليهم لأجلها فتختلّ مراكزهم فتقع الهزيمة وأكثر ما تقع الهزائم عن هذه الأسباب الخفيّة لكثرة ما يعتمل لكلّ واحد من الفريقين فيها حرصا على الغلب فلا بدّ من وقوع التّأثير في ذلك لأحدهما ضرورة ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم «الحرب خدعة» ومن أمثال العرب «ربّ حيلة أنفع من قبيلة» فقد تبيّن أنّ وقوع الغلب في الحروب غالبا عن أسباب خفيّة غير ظاهرة ووقوع الأشياء عن الأسباب الخفيّة هو معنى البخت كما تقرّر في موضعه فاعتبره وتفهّم من وقوع الغلب عن الأمور السّماويّة كما شرحناه معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم «نصرت بالرّعب مسيرة شهر» وما وقع من غلبه للمشركين في حياته بالعدد القليل وغلب المسلمين من بعده كذلك في الفتوحات فإنّ الله سبحانه وتعالى تكفّل لنبيّه بإلقاء الرّعب في قلوب الكافرين حتّى يستولي على قلوبهم فينهزموا معجزة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم فكان الرّعب في قلوبهم سببا للهزائم في الفتوحات الإسلاميّة كلّها أنّه خفيّ عن العيون. وقد ذكر الطّرطوشيّ: أنّ من أسباب الغلب في الحرب أن تفضّل عدّة الفرسان المشاهير من الشّجعان في أحد الجانبين على عدّتهم في الجانب الآخر مثل أن يكون أحد الجانبين فيه عشرة أو عشرون من الشّجعان المشاهير وفي الجانب الآخر ثمانيّة أو ستّة عشر فالجانب الزّائد ولو بواحد يكون له الغلب وأعاد في ذلك وأبدى وهو راجع إلى الأسباب الظّاهرة الّتي قدّمنا وليس بصحيح. وإنّما الصّحيح المعتبر في الغلب حال العصبيّة أن يكون في أحد الجانبين عصبيّة واحدة جامعة لكلّهم وفي الجانب الآخر عصائب متعدّدة لأنّ العصائب إذا كانت متعدّدة يقع بينها من التّخاذل ما يقع في الوحدان المتفرّقين الفاقدين للعصبيّة تنزّل كلّ عصابة منهم منزلة الواحد ويكون الجانب الّذي عصابته متعدّدة لا يقاوم الجانب الّذي عصبته واحدة لأجل ذلك فتفهّمه واعلم أنّه أصحّ في الاعتبار ممّا ذهب إليه الطّرطوشيّ ولم

اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست