اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 330
الحرير والذّهب فسقطت هذه الوظيفة من دولتهم واستدرك منها أعقابهم آخر الدّولة طرفا لم يكن بتلك النّباهة وأمّا لهذا العهد، فأدركنا بالمغرب في الدّولة المرينيّة لعنفوانها وشموخها رسما جليلا لقّنوه من دولة ابن الأحمر معاصرهم بالأندلس واتّبع هو في ذلك ملوك الطّوائف فأتى منه بلمحة شاهدة بالأثر. وأمّا دولة التّرك بمصر والشّام لهذا العهد ففيها من الطّراز تحرير آخر على مقدار ملكهم وعمران بلادهم إلّا أنّ ذلك لا يصنع في دورهم وقصورهم وليست من وظائف دولتهم وإنّما ينسج ما تطلبه الدّولة من ذلك عند صنّاعه من الحرير ومن الذّهب الخالص ويسمّونه المزركش لفظة أعجميّة ويرسم اسم السّلطان أو الأمير عليه ويعدّه الصّنّاع لهم فيما يعدّونه للدّولة من طرف الصّناعة اللّائقة بها «وَالله مُقَدِّرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالله خَيْرُ الْوَارِثِينَ» .
الفساطيط والسياج
اعلم أنّ من شارات الملك وترفه اتّخاذ الأخبية والفساطيط والفازات [1] من ثياب الكتّان والصّوف والقطن فيباهي بها في الأسفار وتنوّع منها الألوان ما بين كبير وصغير على نسبة الدّولة في الثّروة واليسار وإنّما يكون الأمر في أوّل الدّولة في بيوتهم الّتي جرت عادتهم باتّخاذها قبل الملك وكان العرب لعهد الخلفاء الأوّلين من بني أميّة إنّما يسكنون بيوتهم الّتي كانت لهم خياما من الوبر والصّوف ولم تزل العرب لذلك العهد بادين [2] إلّا الأقلّ منهم فكانت أسفارهم لغزواتهم وحروبهم بظعونهم وسائر حللهم وأحيائهم من الأهل والولد كما هو شأن العرب لهذا العهد وكانت عساكرهم لذلك كثيرة الحلل بعيدة ما بين المنازل متفرّقة الأحياء يغيب كلّ واحد منها عن نظر صاحبه من الأخرى كشأن العرب ولذلك ما كان عبد الملك يحتاج إلى ساقة تحشد النّاس على أثره وأن يقيموا إذا ظعن. [1] مظلة بعامودين. [2] من البداوة.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 330