اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 321
وشعاره في دولته عدل إلى لون الخضرة فجعل رايته خضراء. وأمّا الاستكثار منها فلا ينتهي إلى حدّ وقد كانت آلة العبيديين لمّا خرج العزيز إلى فتح الشّام خمسمائة من البنود وخمسمائة من الأبواق. وأمّا ملوك البربر بالمغرب من صنهاجة وغيرها فلم يختصّوا بلون واحد بل وشّوها بالذّهب واتّخذوها من الحرير الخالص ملوّنة واستمرّوا على الإذن فيها لعمّالهم حتّى إذا جاءت دولة الموحّدين ومن بعدهم من زناتة قصروا الآلة من الطّبول والبنود على السّلطان وحظروها على من سواه من عمّاله وجعلوا لها موكبا خاصّا يتبع أثر السّلطان في مسيره يسمّى السّاقة وهم فيه بين مكثر ومقلّ باختلاف مذاهب الدّول في ذلك فمنهم من يقتصر على سبعة من العدد تبرّكا بالسّبعة كما هو في دولة الموحّدين وبني الأحمر بالأندلس ومنهم من يبلغ العشرة والعشرين كما هو عند زناتة وقد بلغت في أيّام السّلطان أبي الحسن فيما أدركناه مائة من الطّبول ومائة من البنود ملوّنة بالحرير منسوجة بالذّهب ما بين كبير وصغير ويأذنون للولاة والعمّال والقوّاد في اتّخاذ راية واحدة صغيرة من الكتّان بيضاء وطبل صغير أيّام الحرب لا يتجاوزون ذلك وأمّا دولة التّرك لهذا العهد بالمشرق فيتّخذون راية واحدة عظيمة وفي رأسها خصلة كبيرة من الشّعر يسمّونها الشّالش والجتر وهي شعار السّلطان عندهم ثمّ تتعدّد الرّايات ويسمّونها السّناجق واحدها سنجق وهي الرّاية بلسانهم. وأمّا الطّبول فيبالغون في الاستكثار منها ويسمّونها الكوسات ويبيحون لكلّ أمير أو قائد عسكر أن يتّخذ من ذلك ما يشاء إلّا الجتر فإنّه خاصّ بالسلطان. وأمّا الجلالقة لهذا العهد من أمم الإفرنجة بالأندلس فأكثر شأنهم اتّخاذ الألوية القليلة ذاهبة في الجوّ صعدا ومعها قرع الأوتار من الطّنابير ونفخ الغيطات يذهبون فيها مذهب الغناء وطريقه في مواطن حروبهم هكذا يبلغنا عنهم وعمّن وراءهم من ملوك العجم ومن آياته خلق السّماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم «إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ 30: 22»
.
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون الجزء : 1 صفحة : 321