responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 159
واحتجّ له بعضهم بما وقع في حديث بدء الوحي من شأن الغطّ وأنّه كان ثلاث مرّات وهو ضعيف ولا يصلح شأن الغطّ أن يكون دليلا على ذلك لبعده عن التّعليم المتعارف والله الحكيم الخبير.
الفصل السابع في أن سكنى البدو لا تكون إلا للقبائل أهل العصبية
اعلم أنّ الله سبحانه ركّب في طبائع البشر الخير والشّرّ كما قال تعالى «وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ 90: 10» وقال «فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها 91: 8» والشّرّ أقرب الخلال إليه إذا أهمل في مرعى عوائده ولم يهذّبه الاقتداء بالدّين وعلى ذلك الجمّ الغفير إلّا من وفّقه الله ومن أخلاق البشر فيهم الظّلم والعدوان بعض على بعض فمن امتدّت عينه إلى متاع أخيه فقد امتدّت يده إلى أخذه إلّا أن يصدّه وازع كما قال:
والظّلم من شيم النّفوس فإن تجد ... ذا عفّة فلعلّة لا يظلم
فأمّا المدن والأمصار فعدوان بعضهم على بعض تدفعه الحكّام والدّولة بما قبضوا على أيدي من تحتهم من الكافّة أن يمتدّ بعضهم على بعض أو يعدو عليه فهم مكبوحون بحكمة القهر والسّلطان عن التّظالم إلّا إذا كان من الحاكم بنفسه وأمّا العدوان الّذي من خارج المدينة فيدفعه سياج الأسوار عند الغفلة أو الغرّة ليلا أو العجز عن المقاومة نهارا أو يدفعه ازدياد الحامية من أعوان الدّولة عند الاستعداد والمقاومة وأمّا أحياء البدو فيزغ بعضهم عن بعض مشايخهم وكبراؤهم بما وفر في نفوس الكافّة لهم من الوقار والتّجلّة وأمّا حللهم فإنّما يذود عنها من خارج حامية الحيّ من أنجادهم وفتيانهم المعروفين بالشّجاعة فيهم ولا يصدق دفاعهم وذيادهم إلّا إذا كانوا عصبيّة وأهل نسب واحد لأنّهم بذلك تشتدّ شوكتهم ويخشى جانبهم إذ نعرة كلّ أحد على نسبه وعصبيّته أهمّ وما جعل الله في قلوب

اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست