responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 107
حسبوا ذلك لأجل الأنساب فجعلوا أهل الجنوب كلّهم السّودان من ولد حام وارتابوا في ألوانهم فتكلّفوا نقل تلك الحكاية الواهية وجعلوا أهل الشّمال كلّهم أو أكثرهم من ولد يافث وأكثر الأمم المعتدلة وأهل الوسط المنتحلين للعلوم والصّنائع والملل والشّرائع والسّياسة والملك من ولد سام وهذا الزّعم وإن صادف الحقّ في انتساب هؤلاء فليس ذلك بقياس مطّرد إنّما هو إخبار عن الواقع لا أنّ تسمية أهل الجنوب بالسّودان والحبشان من أجل انتسابهم إلى حام الأسود. وما أدّاهم إلى هذا الغلط إلّا اعتقادهم أنّ التّمييز بين الأمم إنّما يقع بالأنساب فقط وليس كذلك فإنّ التّمييز للجيل أو الأمّة يكون بالنّسب في بعضهم كما للعرب وبني إسرائيل والفرس ويكون بالجهة والسمة كما للزّنج والحبشة والصّقالبة والسّودان ويكون بالعوائد والشّعار والنّسب كما للعرب. ويكون بغير ذلك من أحوال الأمم وخواصّهم ومميّزاتهم فتعميم القول في أهل جهة معيّنة من جنوب أو شمال بأنّهم من ولد فلان المعروف لما شملهم من نحلة أو لون أو سمة وجدت لذلك الأب إنّما هو من الأغاليط الّتي أوقع فيها الغفلة عن طبائع الأكوان والجهات وإنّ هذه كلّها تتبدّل في الأعقاب ولا يجب استمرارها سنّة الله في عباده ولن تجد لسنّة الله تبديلا والله ورسوله أعلم بغيبه وأحكم وهو المولى المنعم الرّؤوف الرّحيم.

اسم الکتاب : تاريخ ابن خلدون المؤلف : ابن خلدون    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست