(تِلْكَ المكارم لَا قعبان من لبن ... شيبا بِمَاء فعادا بعد أبوالا)
وَاصْطفى سيف جمَاعَة من الحبشان خَاصَّة لَهُ فاغتالوه وقتلوه فَأرْسل كسْرَى عَاملا على الْيمن واستمرت عُمَّال كسْرَى على الْيمن إِلَى آخِرهم وَهُوَ باذان الَّذِي كَانَ على عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأسلم، ثمَّ صَارَت الْيمن لِلْإِسْلَامِ.
(ذكر مُلُوك الْعَرَب فِي غير الْيمن)
أول ملك من الْعَرَب بِأَرْض الجزيرة " مَالك " بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد اللَّهِ بن وهران بن كَعْب بن الْحَارِث بن كَعْب بن مَالك بن النَّضر بن الأزد من ولد كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان كَانَ ملك مَالك فِي أَيَّام مُلُوك الطوائف قبل الأكاسرة.
ثمَّ ملك بعده أَخُوهُ " عَمْرو " بن فهم، ثمَّ ابْن أَخِيه " جذيمة " بن مَالك؛ كَانَ بِهِ برص فَقَالُوا جذيمة الأبرص فَقَالُوا جذيمة الأبرش كِنَايَة عَنهُ وَعظم شَأْنه وَأُخْته رقاش هويت عدي بن نصر بن ربيعَة من أياد وهويها وَكَانَ جذيمة اصْطنع عديا وَسلم إِلَيْهِ مجْلِس شرابه فاتفقت مَعَه أَن يخطبها من أَخِيهَا جذيمة حَال سكره فَفعل وَأذن لَهُ جذيمة فَدخل عدي برقاش فَلَمَّا أصبح جذيمة وَعلم بذلك عظم عَلَيْهِ فهرب عدي وَقيل ظفر بِهِ جذيمة فَقتله وحبلت رقاش من عدي فَقَالَ لَهَا جذيمة:
(خبريني رقاش لَا تكذبِينِي ... أبحر زَنَيْت أم بهجين)
(أم بِعَبْد فَأَنت أهل لعبد ... أم بِدُونِ فَأَنت أهل لدوّنَ)
فَقَالَت: بل من خِيَار الْعَرَب وَجَاءَت بِولد سمته عمرا وربته وزينته وألبسته طوقا وَفَرح بِهِ جذيمة ثمَّ عدم الْغُلَام وتزعم الْعَرَب أَن الْجِنّ اختطفته ثمَّ وجده شخصان مَالك وَعقيل فأحضراه لَهُ فجعلهما منادمين لَهُ مَا بقوا وَالْعرب تضرب الْمثل بندماني جذيمة وَفِي أَيَّام جذيمة ملك الجزيرة وأعالي الْفُرَات ومشارف الشَّام رجل من العمالقة اسْمه عَمْرو بن الظرب بن حسان وحاربة جذيمة وانتصر جذيمة عَلَيْهِ وَقَتله.
ولعمرو بنت اسْمهَا نائلة وتدعى " الزباء " ملكت بعده وَبنت على الْفُرَات مدينتين