أحسن الْخُلَفَاء سيرة وَمنع القَوْل بِخلق الْقُرْآن فَغطّى ذمه لعَلي على حَسَنَاته.
قلت:
(وَكم قد محى خير كَمَا انمحت ... ببغض عَليّ سيرة المتَوَكل)
(تعمق فِي عدل وَلما جنى على ... جناب عَليّ حطه السَّيْل من عَليّ)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي مَنْصُور بن الْمهْدي.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا مَاتَ مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ أَمِير صقيلة، وَولي مَكَانَهُ الْعَبَّاس بن الْفضل بن يَعْقُوب بن فَزَارَة وَفتح قصر بانه دَار ملك صقلية وَغَيرهَا، وَكَانَت سرقوسة قَلبهَا دَار الْملك.
وفيهَا: توفّي حَاتِم الْأَصَم الزَّاهِد الْمَشْهُور الْبَلْخِي، خرج من امْرَأَة صَوت فأوهمها أَنه أَصمّ لِئَلَّا تخجل فَسُمي بِهِ.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك صَاحب الأندلس فِي ربيع الآخر، ومولده سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَة، وولايته إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر وَله خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ابْنا، وَملك بعده ابْنه مُحَمَّد.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي مَحْمُود بن غيلَان الْمروزِي من مَشَايِخ البُخَارِيّ وَمُسلم.
ثمَّ دخلت سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا مَاتَ ابْن الشَّافِعِي واسْمه مُحَمَّد وكنيته أَبُو عُثْمَان، كَانَ قَاضِي الجزيرة، وروى عَن أَبِيه وَعَن ابْن عُيَيْنَة، وَابْن الشَّافِعِي مُحَمَّد غير هَذَا مَاتَ بِمصْر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
وفيهَا: توفّي أَبُو ثَوْر إِبْرَاهِيم بن خَالِد بن أبي الْيَمَان الْكَلْبِيّ الْبَغْدَادِيّ صَاحب الشَّافِعِي وناقل أَقْوَاله الْقَدِيمَة عَنهُ، وَكَانَ على مَذْهَب أهل الرَّأْي حَتَّى قدم الشَّافِعِي الْعرَاق فَاتبعهُ.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا فِي ربيع الأول توفّي الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد بن إِدْرِيس ينْسب إِلَى معد بن عدنان روى عَنهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، وَكَانَ مُجْتَهدا ورعا صَدُوقًا. قَالَ الشَّافِعِي: خرجت من بَغْدَاد وَمَا خلفت بهَا أحدا أتقى وَلَا أورع وَلَا أفقه من احْمَد بن حَنْبَل.
قلت: حزر من حضر جنَازَته من الرِّجَال فَكَانُوا ثَمَانمِائَة ألف وَمن النِّسَاء سِتِّينَ ألفا، وَقيل: أسلم يَوْم مَوته عشرُون ألفا من النَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمَجُوس، وَحدث إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ: رَأَيْت بشر بن الْحَارِث الحافي فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ خَارج من مَسْجِد الرصافة وَفِي كمه شَيْء يَتَحَرَّك، فَقلت: مَا فعل اللَّهِ بك؟ فَقَالَ: غفر لي وأكرمني، فَقلت: مَا هَذَا الَّذِي