responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انتشار الإسلام الفتوحات الإسلامية زمن الراشدين المؤلف : جميل عبد الله محمد المصري    الجزء : 1  صفحة : 83
وقد تجاهل المستشرقون هذه الأخبار الثابتة من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقواله، وصوروا الفتوحات الإسلامية على أنها حركة ارتجالية، هدفها القوي رغبة أبي بكر في إشغال العرب عن أنفسهم، وخصوماتهم، وإغرائهم بالغنائم، والمنافع المادية[1]. وأقوالهم تلك تدحضها الحقائق الثابتة، كما وقعوا في التناقض كعادتهم عند تناولهم أحداث التاريخ الإسلامي، والحضارة الإسلامية.
وكمثال على ذلك يقول "بروكلمان" متلاعباً بالألفاظ:
"ما في مقدور أبي بكر أن ينفذ خطة النبي الأخيرة[2] - تلك التي تفضي بنشر الإيمان في ما وراء حدود الوطن الأم، ذلك بأنه كان عليه أن يوجد فرصة من النشاط الخارجي لهذه القوى التي كانت في الماضي على استعداد دائم لأن تتفانى في منازعَات لا نهاية لها"[3].
وعلى العموم فقد كانت هناك خطة واضحة للفتوحات الإسلامية من أجل تبليغ الدعوة، وهي خطة راشدة مستنيرة حتى أن أبا بكر رضي الله عنه منع المرتدين من الاشتراك في الفتوحات الأولى[4]. وهذه الخطة تُقدم إذا كان الإقدام حزماً ومناسباً، وتتأنى إذا كان التأني خيراً للمسلمين وللشعوب غير المسلمة من أهل البلاد. فتردّد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الانسياح- في بلاد فارس، وفي فتح مصر (إن صح) ، وفي فتح الهند، وفي فتح إفريقيا- لم يكن مبعثه عدم الرغبة في فتح هذه البلاد أمام دعوة الإسلام، ولكنه من ضمن خطة، لتثبيت المكاسب الإسلامية، والتمكن من إقامة الإسلام في الأراضي المفتوحة، واستنهاض طاقات الشعوب التي أظلتها رايته، وتجميعها، ثم توجيهها الوجهة الصالحة، ومن أجل الدعوة، حتى تصبح تلك الأقطار نقاط ارتكاز جديدة، تنطلق منها الدعوة وتمتد، إلى أقطار أخرى، تسهم فيها شعوب تلك الأقطار بدلاً من أن تكون شوكة في جنب المجاهدين، أو خنجراً يوجه إلى ظهورهم في خلفهم.

[1] مثل "فلهوزن"_ تاريخ الدولة العربية 23، "برناد لويس":the arabs in history 52،"نتنج"_ العرب وانتصاراتهم 47، "روم لاندو"_ الإسلام والعرب 209، "بروكلمان"_ تاريخ الشعوب الإسلامية 1/23، "كلود كاهين"_ تاريخ العرب والشعوب الإسلامية، "فيليب حتي"_ تاريخ العرب 178، صانعوا التاريخ العربي 44،58_59.
[2] لاحظ أنه يعترف بوجود خطة للفتح وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يتجاهل ذلك!
[3] تاريخ الشعوب الإسلامية 1/90.
[4] انظر: كتابه إلى خالد بن الوليد وعياض بن غنم: الطبري 3/347، ابن عساكر_ تاريخ دمشق 1/222، وكتابه رضي الله عنه إلى خالد بن سعد بن العاص وهو بتيماء_ الطبري 3/388.
اسم الکتاب : انتشار الإسلام الفتوحات الإسلامية زمن الراشدين المؤلف : جميل عبد الله محمد المصري    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست