اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 69
وأبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني المتوفى سنة 206 للهجرة[1]، قيل: إنه جمع أشعار العرب؛ فكانت نيفا وثمانين قبيلة[2]. وأبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، المتوفى سنة 231 للهجرة[3]، وأبو محمد جنّاد بن واصل الكوفي[4]، وخلّاد بن يزيد الباهلي[5]، وغيرهم ممن تفرغوا له، وصرفوا جلّ وقتهم في جمعه وحفظه وروايته.
"قال ابن عوف عن ابن سيرين. قال عمر بن الخطاب: كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه؛ فجاء الإسلام، فتشاغلت عنه العرب، وتشاغلوا بالجهاد، وغزوا فارس والروم، ولهيت عن الشعر وروايته. فلما كثر الإسلام، وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب بالأمصار، راجعوا رواية الشعر، فلم يألوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب، فألفوا ذلك وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم أكثره"[6]. وورد عن "أبي عمرو بن العلاء" أنه قال: "ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم علم وشعر كثير"[7]. ولا جدال بين العلماء حتى اليوم في موضوع ذهاب أكثر الشعر الجاهلي، وفي أن الباقي الذي وصل إلينا مدونًا في الكتب، هو قليل من كثير. وقد عللوا سبب اندثار أكثره وذهابه بسبب عدم تدوين الجاهليين له، واكتفائهم بروايته حفظًا، فضاع بتقادم الزمان، وبموت الرواة، وبانطماس أثره من الذاكرة، وبانشغال الناس بأمور أخرى عن روايته؛ ولا سيما رواية القديم منه الذي لم يعد يؤثر في العواطف تأثير الجديد منه الذي قيل قبيل الإسلام.
نعم جاء في الأخبار أنه "قد كان عند النعمان بن المنذر منه ديوان فيه أشعار
1 "وأخذ عند دواوين أشعار القبائل كلها"، "قيل مات في اليوم الذي مات فيه أبو العتاهية وإبراهيم الموصلي سنة ثلاث عشرة ومائتين"، الفهرست "ص107 وما بعدها". [2] الفهرست "ص107". [3] الفهرست "ص108 وما بعدها".
4 "كان من أعلم الناس بأشعار العرب وأيامها" الفهرست "ص141". [5] الفهرست "ص162". [6] طبقات الشعراء "ص10". [7] المصدر نفسه.
اسم الکتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المؤلف : جواد علي الجزء : 1 صفحة : 69