اسم الکتاب : العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية المؤلف : الخزرجي، علي بن الحسن الجزء : 1 صفحة : 199
ويروى عنهُ أنه خرج يوماً حافياً مقرعاً فلقيه بعض من يعرفه فصافحهُ وسار بسيرهِ لينظر أين يقصد فإذا هو قد قصد بيت أمير بدار الملك المظفر فلما وقف على الباب بادر الخادم إلى الأمير فاعلمهُ بوصوله فخرج الأمير مسرعا وقبل يديهِ ثم قال له يا سيدي لم وصلت وهلاَّ أرسلت إليَّ كنت أصلك فقال القاضي أنا أحقُّ بالأجر فإن ساعدتني كنت شريكي فيهِ فقال لهُ الأمير وما الذي تريد يا سيدي فقال وصلني أولاد فلان وذكروا انك حبست والدهم بالسوية وهم فقراء محتاجون وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مشي في حاجة أخيه المسلم حافياً حاسراً أتاهُ اللهُ أجراً عظيماً فلذلك جئت فقال يا سيدي إنما حبس بأمر السلطان ولا يمكن إخراجه إلا بعد مراجعةٍ ثم استدعى الأمير بدواة وقرطاس وكتب إلى السلطان يعلمه بوصول القاضي إليه حافياً حاسراً وأنه يشفع في فلان وأرسل بالكتاب رسولاً فعاد الجواب من السلطان بإطلاق الرجل ولم يخرج القاضي من بيت الأمير إلا بالرجل معهُ وكان معهُ عند المظفر محلُّ عظيمُ وجاهُ جسيم من طريق الورع والصلاح.
قال الجندي وأخبرني الفقيه عثمان الشرعبي وهو الذي علقت عنهُ أخبار هذا القاضي وغيره من فقهاء تعز المتقدمين. قال كتب أهل بلدٍ غير بلدهِ يشكون قاضيهم إلى السلطان الملك المظفر فكتب السلطان إلى القاضي بهاء الدين انظر في أمرهم فالقضاة كلهم في النار إلا محمد بن علي وذلك لما تحقق من ورعهِ بعد البحث الشافي عنهُ على يد من يثقهُ. ومن بعض ما يروى عنهُ أن بعض التجار حضرته الوفاة فاستدعى القاضي محمد بن علي إلى بيتهِ أتاهُ القاضي إلى بيتهِ خلا بهِ وقال لهُ إني بنيت هذا الموضع على يدي بمال جزيل لا أكاد أحصر مبلغهُ وأولادي كما ترى صغار وقد نزل بي ما ترى ولا أستطيع إعلام أحد منهم وقد أعلمتك بهِ لتكون وديعةً عندك فقال لهُ القاضي لا بأس بذلك. ثم أمره أن يوصي إلى رجل خبير بأموره الظاهرة ففعل ثم توفي الرجل وكبر أولاده فأتلفوا ما ظهر لهم من التركة وأرادوا أن يبيعوا البيت من شدة حاجتهم فمنعهم القاضي فأَقاموا مدةً في ذلك الحال ثم بلغهُ صلاحهم فصبر مدَّة ثم أمر من يختبرهم فوجدوهم قد رشدوا فأخبر القاضي بذلك وأتاهم
اسم الکتاب : العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية المؤلف : الخزرجي، علي بن الحسن الجزء : 1 صفحة : 199