responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 302
أو تسمع من هذا الشعر نفسه قوله متهكماً برجال الدين ومن تبعهم خين خرجوا يستسقون:
خرجوا ليستسقوا وقد نشأتْ ... مجنونة شَرقٌ بها السفح
حتى إذا اصطفوا لدعوتهم ... وبدا لفيض دموعهم نضح
كشفَ الغمامُ إجابة لهمُ ... فكأنما خرجوا ليستصحوا وقد كان الشعراء الصقليون يتفاوتون قليلا أو كثيراً في الشعور بالنواحي المتعددة لهذه الدنيوية، فبينا تجد ابن الخياط يتهكم برجال الدين أو يريد أن يجعل كل نبات الأرض كرماً ليشرب الناس خمراً، بدلا من الماء، تجده ضعيف الإحساس بالناحية الوطنية، إذا قارناه بابن حمديس. وقد مر بنا قوله من قبل لبني أبي الحسين:
ليسلكمُ أن الجزيرة بعدكم ... كما قيل في الأمثال لحم على وضمْ وكيف أن هذه السلوى على حساب الوطن الموزع المنهب، ومن كان عنده أدنى شعور بوطنه وعلاقته بد لا يقول مثل هذا القول. وإذا وضعنا هذا إلى جانب قول ابن حمديس وهو يتغزل:
رشأ أحن إلى حواه كأنه ... وطنٌ ولدتُ بأرضه ونُشيتُ تبين لنا أي فرق هنالك في الشعور بالوطن بين الشاعرين.
ومن الإغراق في الخضوع للطبيعة في النواحي الاجتماعية نشأت في حياة الجماعة ثوراتٌ عليها، فقام في المجتمع الصقلي الزهاد والمتصوفة، وسرت في الشعور نغمة التوجس والخوف من الناس، والآيمان بأنهم مطبوعون على الشر، واصطبغت البيئات الفقهية بصبغة المحافظة والتشدد. حتى لنستطيع أن ترسم لحياة الناس خطين متوازيين، يمتدان أحياناً بذلك التوازي في حياة الفرد نفسه. أي أننا

اسم الکتاب : العرب في صقلية المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست