اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 50
على إحدى أوانيها، على استمرار الصلات بينها في الصعيد وبين حضارات الوجه البحري ووحداته السياسية. وكان سبيل الاتصال ميسرًا بينهما عن طريق البر وعلى متن النيل الذي كانت تسلكه زوارق الفريقين. ورأى هورنبلاور في التماثيل العاجية النقادية شبهًا بتماثيل حضارات فجر التاريخ في بلاد النهرين ودليلًا على قيام الصلات بينهما "وإن سمى هذه الحضارات خطأ باسم الحضارة السومرية"، واستشهد على اعتقاده بتصوير مركب ذات مقدمة مرتفعة على آنية نقادية، وكانت المراكب ذات المقدمات المرتفعة مراكب عراقية في رأيه. وقد لا تستقيم حرفية هاتين القرينتين، ولو أن سبل الاتصال بين مصر وبين الحضارات الآسيوية القريبة كانت ممكنة نظريًّا عن طريق وادي الحمامات والبحر الأحمر بالنسبة لأهل الصعيد، وعن طريق برزخ السويس بالنسبة لأهل الوجه البحري. واعتبر فنكلر رسل هذه الاتصالات من الجانب المصري جماعات من سكان الصحراء الشرقية سماهم باسم أهل الجبال المحليين وتمثلهم في أجداد العبابدة والبشاريين الحاليين وعقد الأواصر بينهم وبين أهل حضارة نقادة الأولى على أساس ظهورهم في صورهم يرتدون قراب العودة مثلهم[1]. [1] Winkler, Rock Drawings Of Southern Upper Egypt, 1938; Massoulard, Op. Cit.. 93. في حضارة نقادة الثانية:
اتسعت مجالات العمل الإقليمي في إقليم نقادة وما حولها في عهدها الثاني اتساعًا نسبيًّا، ثم انتشرت تقاليدها الصناعية والفنية بين بعض جيرانها في شمال الوادي وجنوبه حتى بلغت النوبة. واتسعت اتصالات مصر ببلاد الشرق القديم حينذاك اتساعًا نسبيًّا كذلك وأخذت منها وأعطت لها، وتخلفت حتى الآن من شواهد تعاملها معها تعاملًا مباشرًا أو غير مباشر، قطع من السبج "الأوبسديان" الأسود الثمين الذي يحتمل أنه وصلها من الحبشة، وقطع من اللازورد الذي يحتمل أنه وصلها من الحبشة أيضًا أو من أعالي الفرات، وخرزات من السنباذج والفضة والذهب تختلف الآراء فيما إذا كانت معادنها من مصر أو من خارجها، فضلًا عن أدوات صغيرة عثر عليها في ميناء جبيل "ببلوس" بلبنان تشابهت خصائصها مع خصائص الأدوات المصرية، ويمكن أن يفهم منها قيام التبادل، بين مصر وبين بعض مدن الشام في عهد الحضارة النقادية الثانية[1].
وتوسع النقاديون في استخدام النحاس في صناعاتهم المحلية، فصنعوا منه ملاعق ومدى وأواني صغيرة وأغطية لبعض القدور وأزاميل ورءوس فئوس وخناجر ورءوس حراب، ونسبت إلى عهدهم رأس فأس نحاسية تزن أكثر من كيلوجرم[2].
وعاد نشاد العهد الجديد على أهله برخاء مناسب ظهر أثره في ثراء مقابر نقادة بعض الشيء عن مقابر العهود السابقة، وظهر أثره في ارتقاء أذواق أهلها وتطور مهاراتهم في الرسم والنقش وصناعة التماثيل الصغيرة وصناعة الأسلحة وبناء المساكن والمقابر، وابتداع وسائل تسلية مهذبة. [1] Petrie, Prch. Egypt. 41, 43-44: Naqada, 45, 48; Diospolis, Pl. Iv; Scharff, Grundeuge, 36; Wainwright, In Anc. Egypt, 1927, 77 F.; H. Kantor, Jnes, 1942, 201
وراجع ألفرد لوكاس: المواد والصناعات عند قدماء المصريين – الفصل الحادي عشر والفصل السادس عشر. [2] المرجع السابق ص327+
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 50