اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 49
في حياته الثانية، أو ترمز إلى الراقصات اللائي يتمناهن لمتعته في الآخرة، أو ترمز إلى الربات اللائي يتمنى أن يسبغن عليه الحماية حين يبعث ثانية. وصنع أهل نقادة تماثيل بدائية أخرى لرجال، مثلوا فيها أسرى قيدت سواعدهم خلف ظهورهم. واستغلوا ليونة الصلصال وسهولة عمل الفخار في تشكيل مجموعات صغيرة متواضعة تمثل ما يقوم به الخدم والأتباع[1]. وكانوا يضعونها مع المتوفى في قبره أملا في أن تحقق له بعض الفوائد في عالمه الآخر. ثم مارسوا فنهم التشكيلي بأسلوب آخر، فشكلوا بعض صلاياتهم على هيئة أفراس النهر والسلاحف والأسماك، واكتفوا في تشكيلها بتحديد الخطوط العامة للحيوان الذي تمثله[2]. ونحتوا من أنياب العاج تماثيل رجال ونساء تبدو ملامح وجوههم أكثر وضوحًا من أمثالها في تماثيل الصلصال. وتمتاز التماثيل النسوية منها باختلاف أوضاع أيديها، فقد تكون اليدان على الجانبين أو تحت الثديين أو تستران العورة في حياء لطيف[3]، غير أنها في مجملها تتصف بالنحافة والاستطالة، ربما بما يناسب قطع العاج المستطيلة التي صنعت منها. كما تتصف بالتصاق الساقين بحيث لا يفصلهما في أغلب أحوالهما غير حز طويل أو شق ضيق، رغبة فيما يبدو في تقليل تعرضهما للكسر. وطعم النقاديون عيون بعض تماثيلهم بخرزات ملونة من حجر الدهن وقطع المحار الأبيض وقشر بيض النعام[4]، وصوروا قلائدها على أجسامها بالألوان.
وهكذا تعددت مجالات الإنتاج أمام صناع الفخار المزخرف والنقوش وصناع التماثيل الأوائل في نقادة وإذا كان المعروف من إنتاجهم لا يصل على حج الإجادة، فإن ذلك قد يرجع إلى عامل الصدفة، وقد تؤدي الكشوف المستقبلة إلى معرفة المزيد من وجوه نشاطهم. والمرجح أن تعدد مجالات إنتاجهم في الكماليات كان يقابله نشاط مماثل في إنتاج الضروريات أيضًا. وصنع النقاديون في أواخر عهدهم خناجر لا تختلف عن خناجر العصور التاريخية في شيء كثير، سواء من حيث هيئتها المسلوبة، أم من حيث تثبيتها في مقابض تناسب قبضة اليد، أم حفظها في قراب من الجلد. وظل أصحابها يصنعون أغلب نصالها من الظران، ولكنها لم تعد كنصال الظران التي صنعها أسلافهم حتى عهد البداري، وإما أصبحت نصالًا ينتقي لها صناعها المحترفون أجود أنواع الظران عن قصد ويسوونها ويرققونها بعناية كبيرة. وصنعوا مع الخناجر سكاكين رقيقة جميلة على هيئة المعين خصصوها للاستعمال الخاص، وبدءوا يصنعون سكاكين أخرى ذات أطراف مقوسة تقويسًا قليلًا وسطوح مموجة على هيئة أوراق الشجر[5].
وأمكن ترسم علاقات نقادة الأولى بجيرانها في مصر وخارجها، فدل تجسيم هيئة التاج الأحمر الشمالي [1] J. De Morgan, Recherches…, Fig. 372: Scharff, Altertumer, Ii, 43. [2] Petrie, Corpus, Pl. Lii, 8 A, 14 D, G; Pl. Liv. [3] Capart, Les Debus…, Figs. 116-117. [4] Petrie, Preh. Eg., 9, Pl. Ii, 20, 22. [5] Ibid, P. 25; Mostagedda, 9; Bad. Civil., Pl. Xxix, Baumgartel, Op. Cit., 28; Huzayyin, The Place Of Egypt In Prehistory, 311, N. 3.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 49