اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 469
النوتى وحاوره وراضاه حتى اصطحبه معه في قاربه، وركبا الموج شهرًا وثمانية عشر يومًا إلى أن بلغا مياه الأعماق. وخرج جلجميش إلى جزيرة جده أوتانبشتيم "أو وتنابشتو" وقابله ورأى فيه صورة من نفسه وقص عليه قصته ورجاه أن يدله على سر الخلود، ولكن جده أراد أن يزيده خبرة بأحداث الماضي البعيد قبل أن يلبي رجاءه، فقص عليه قصة الطوفان القديم، قائلًا له:
"سأكشف لك جلجميش سرًّا، وهو سر رباني. شوروباك مدينة تعرفها تقع على ضفة الفرات، هي مدينة عتيقة عاش الأرباب فيها، وعندما أرادت مشيئتهم إحداث الطوفان، كان بينهم آنو أبوهم، والشجاع إنليل مستشارهم، ومساعدهم نينورتا، وإنوجيه متولي أمر قنواتهم. وكان معهم كذلك رب الحكمة إيا الذي حزبه الأمر ولكنه لم يشأ أن يفشي سر الآلهة جهرة، فجعل أوتا نبشتيم يرى في منامه ما يحذره من الطوفان، ولما لم يدرك هذا الأخير مغزى رؤياه وتطلع إلى تفسيرها ألقى إيا حديثه إلى كوخه بطريق غير مباشر قائلًا: يا كوخ البوص، يا جدار ويا جدار؛ يا كوخ البوص، يا جدار ويا جدار، أصيخوا ورددوا:
يا رجل شوروباك يابن وبرتوتو.
أهدم الدار وابن سفينة. دع أملاكك، وانقذ حياتك ...
ارحل بها وخذ بذرة كل حي ...
اجعل عرضها مثل طولها.
ففهمت وقلت مولاي إيا أمرت سيدي وسأكون أهلًا لحمل الرسالة، ولكن بم أجيب أهل المدينة وشيوخها؟ فقال إيا، قل لهم إني سمعت أن إنليل غير راضٍ عني، ولهذا لن أبقى في مدينتكم ولن أطرق أرض إنليل - ولسوف أذهب إلى الأعماق وأعيش مع مولاي إيا - ولسوف يبارك لكم في الطير والأسماك ويجعل الأرض تؤتي أكلها، ذلك الذي يأمر في ظلمة الليل باخضرار اليابس - ولسوف يرسل عليكم مطرًا من الغلال "وكلمة الغلال تورية عن الهلاك لاشتراكهما في اللفظ" ... وبعد أن تعلم الحكيم من ربه كيف يصنع السفينة من البوص والأخشاب ولم تكن له معرفة سابقة بصناعتها قال: وعند الفجر تجمع الناس حولي، وحمل الصغار القار، وحمل الكبار كل الضروريات، وفي اليوم الخامس أتممت إطار السفينة، وكانت سعة أرضها فدانًا كاملًا، وارتفاع جدرانها 120 ذراعًا ... ، وجعلت لها سبعة مسطحات أي قسمتها ستة أقسام وقسمت أرضيتها تسعة أجزاء ... وأكرمت من عملوا معي ... ، وأكتملت السفينة في اليوم السابع وأنزلوها الماء، وحملتها بكل ما عندي، وما أملك من فضة وذهب، وحملتها بصنوف الأحياء كلهم، وأخذت معي كل عائلتي وأقربائي، وحيوانات البراري، وكل الصناع.
وحدد "شمش" وقتًا معينًا لي قائلًا: عندما يرسل من يبعث القلق بالليل، رذاذًا من المن، ارحل بسفينتك وأغلق مدخلها. وحان الوقت .. وتطلعت إلى الجو، فوجدته معتمًا، فغلقت السفينة، وعهدت بها إلى النوتى بوزور أموري. وظهرت غمامة سوداء في الفجر، رعد فيها أداد، وتقدمها شولات وهانيش
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 469