responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 346
منهم ما تناهى إلى علمه عن أخبار الماضي وأخبار أهل المعجزات فيه. وروت أنه كان كلما سمع من أبنائه عن معجزة قام بها عالم قديم أو فرعون قديم، ترحم على هذا العالم كما ترحم على الفرعون، وأمر بأن تخلد لكل منهما ذكراه وأن تجزل العطايا والقرابين لمقبرته[1]. ثم صورته يبعث ولده إلى حكيم من قومه يدعى جدي لم يكن قد رآه من قبل، فقابل الحكيم ابن خوفو وحادثه محادثة الند للند، وأقر له الأمير بمكانة تليق بسنه وعمله. ولما وصل جدي إلى خوفو، قال له الملك "ما هذا جدي وكيف لم نرك حتى الآن؟ " فأجاب جدي: "مولاي، من دعي أجاب، ولما دعوتني لبيت". ومعنى هذا أن الرجل لم يكن يجد ما يلزمه بأن يتمسح ببلاط الملك من تلقاء نفسه أو يقصد أعتابه رجاء فضله.
وكان خوفو قد سمع عن جدي أنه يستطيع أن يجبر أسدًا على أن يسير أليفًا طائعًا خلفه، وأنه يستطيع أن يقطع الرقبة ثم يتلو عليها تعاويذه فتعود إلى مكانها من الجسم وتسترد حيويتها، فطلب منه أن يجري معجزاته وسحره على سجين، فاعتذر الرجل وأجاب في عناد: "ولكن ليس على إنسان مولاي الحاكم، وحسبك أن أحدًا لم يطلب أداء شيء من ذلك على هذا الشعب النبيل". وهكذا لم يأب جدي أن يرد على ملكه العظيم بما يعتقده، ولم يأب أن يعتبر السجين المصري فردًا من شعب نبيل على الرغم من جرمه الذي دخل السجن من أجله.
وأضافت القصة أن خوفو عجز عن الاهتداء إلى طائفة من الخزائن والوثائق المقدسة التي ذكر له أتباعه أنها تخص رب الحكمة تحوتي، فسأل جدي عنها، فأجابه الرجل بأنه يعرف مكانها فعلًا، ولكنه حاوره عنها وداوره وأبى أن يقوده إليها، وظل خوفو على جهل بها، على الرغم من أن نصوصه الملكية الرسمية ونصوص رجال حاشيته كانت تلقبه بلقب "نثرعا" أي الإله العظيم! ولسنا نشك في أن ذكر السحر في هذه القصة محض اختلاق وخيال، وأن اعتذار الحكيم عن أدائه لا يزيد عن مجرد تخلص لبق لطيف، لكن حسبنا من القصة أنها كشفت عما كان مؤلفها يتخيله عن بشرية خوفو واحتمال عجزه عن أداء ما يؤديه بعض علماء رعاياه، وكشفت عما كان الناس يودون أن يظهر به حكيم من الشعب في مواجهة الملك العظيم، صاحب الهرم الأكبر، من عزة النفس والاعتراف لقومه بنبالة الأصل.

[1] Erman, Op. Cit., 69 F.; Jea, 1925, 3 F.; 1930, 66.
قصة العاشقين والتمساح:
على نحو ما جعل القصاص المصريون من حكمائهم والمبرزين من رجالهم شركاء في قصص ملوكهم، جعلوا من أولئك الحكماء والمبرزين محورًا خالصًا لعدد آخر من القصص. ومن أقدم هذه القصص قصة ردت أحداثها إلى القرن الثامن والعشرين ق. م، صورت خيانة زوجة كاهن كبير في منف يدعى "وباإنر" هامت بحب فتى من أهل المدينة كانت تراسله عن طريق وصيفتها، فتجرأ الفتى واعتاد أن يختلي بها خلسة في جوسق بحديقة قصرها بين قصف ومجون، وإذا قام عنها اغتسل في بركة صغيرة بالحديقة نفسها, وعز على ناظر الدار أن تهون كرامة سيده فأبلغه الخبر. واستعان الكاهن بسحره وشكل تمساحًا من الشمع طوله
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست