responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 118
وكسيت بألواح صخمة سميكة من الجرانيت، وهي ظاهرة لا تقتصر أهميتها على الدلالة على ما كان يكسو المعبد من جلال وروعة في عهد صاحبه، وإنما تمتد كذلك إلى تمجيد من قطعوا ونقلوا كل هذه الألواح الضخمة من محاجرها من أسوان حتى الجيزة على الرغم من بساطة إمكانياتهم في عصرهم البعيد. وتستقبل واجهة المعبد ناحية الشرق بمدخلين، يرمزان إلى الوجهين. الوجه القبلي والوجه البحري، ويرمزان إلى اجتماع شمل أهلهما في طاعة الفرعون وفي ساحة معبده. وكانت مواكب الحاشية في حياة الفرعون، ومواكب الزائرين بعد وفاته، تصل إلى المعبد عن طريق قناة تربط بينه وبين النيل، وتنتهي هذه القناة بمرساة يصعدها الزائرون والكهان ليقفوا قليلًا خاشعين في مواجهة المعبد ومواجهة تمثال للفرعون كان يستقر داخل ناووس حجري كبير لم يتبق مما يدل عليه حتى الآن غير موضع القاعدة التي كان مثبتًا فيها. ثم يعبرون مدخلي المعبد، وكان يحرس كل مدخل من هذين المدخلين، تمثالان متقابلان "من الجرانيت" يمثلان الملك على هيئة أبو الهول، بوجه إنسان وجسم أسد، حراسة رمزية بطبيعة الحال[1]. ويفضي كل من المدخلين إلى ردهة مستطيلة تتصدرها مشكاة ضخمة عالية، كان يستقر فيها تمثال خفرع بتاج الصعيد، أو بتاج الدلتا، مع ربة من الربات الأثيرات لديه مثل حتحور أو باستة التي وصفته نقوش معبده بأنه كان حبيبها وأظهره أحد تماثيله الباقية يجلس بجانبها[2].
وتجتمع الوفود في البهو الداخلي للمعبد، وهو بهو رحب كسيت أرضيته بالألباستر الأبيض وكسيت جدرانه بالجرانيت الوردي، ورفع سقفه ستة عشر عمودًا ضخمًا من الجرانيت. وكان يستقر على جوانبه ثلاثة وعشرون تمثالًا للفرعون مثلته جالسًا في مهابة يضم يمناه إلى صدره ويرسل يسراه على فخذه، وقد نحت بعضها من الألباستر الأبيض، ونحت بعضها من الديوريت الأزرق، ونحت بعضها الشست الأخضر. وكان في اجتماع ألوانها مع ألوان الجدران والأرضية والأعمدة تحت أشعة الشمس الذهبية التي تندفع إليها من فتحات السقف الحجري وتنعكس عليها من الأرضية البيضاء الناصعة، ما يضفي على بهو المعبد جلالًا وبهاء. وتهشم أغلب هذه التماثيل وبقي أقلها سليمًا، ومن هذا القليل تمثال من الديوريت "نقل إلى المتحف المصري" خلع الفنان على ملامح وجهه مهابة وقداسة تليقان بصاحبه، وظلل مؤخرة رأسه بصقر شامخ يرمز إلى المعبود حور ويفرد جناحيه حول رأس الفرعون كأنه يظله ويحميه. واستطاع الفنان أن يذلل صخر الديوريت بسهولة في تمثاله، وهو من أشد الصخور قساوة، فأظهر تقاطيع خفرع فيه دقيقة ناطقة وأظهر فيه عضلات بدنه مشدودة قوية واضحة.
نشأت بشأن أغراض معبد الوادي آراء عدة، منها ثلاثة محتملة، وهي: أن جانبًا منه كان يعتبر استراحة مؤقتة للفرعون في حياته كلما زار منطقة الجيزة ليشرف على بناء هرمه فيها. وأن جانبًا منه جرت فيه طقوس تحنيط جثة الملك وبعض مراسيم جنازته. وأنه أصبح يستخدم بعد ذلك لاجتماع وفود كبار

[1] Holscher, Grcbdenkm Al Des Chephren, Abb. 5.
[2] Borchardt, Statuen.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست