اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 103
ثانيا: الروعة والبنيان الراسخ في عصر الأسرة الرابعة تجديدات عهد سنفرو
...
ثانيًا: الروعة والبنيان الراسخ في عصر الأسرة الرابعة 2680 - 2560ق. م تجديدات عهد سنفرو:
بدأ عصر الأسرة الرابعة بعهد "سنفرو" أو "بتاح سنفروي" كما سماه أبواه، بمعنى الإله "بتاح جملني"، وكان العهد منذ بدايته بشيرًا بنهضة جديدة اتسع خلالها نشاط مصر التجاري مع جيرانها، وامتد نشاطها العسكري إلى نهايات حدودها، وتطورت فيها عمائرها وفنونها تطورًا واسعًا.
فاتسع نطاق تبادلها التجاري مع فينيقيا بحيث سجلت حوليات سنفرو في قائمة بالرمو ورود أربعين سفينة منها محملة بأخشاب "عش" خلال عام واحد من أعوام حكمه[1]، وهي أخشاب من فصيلة الأرز أو الصنوبر استخدمها رجال في تشييد سفن كبيرة بلغ طول بعضها مائة ذراع، أي نحو اثنين وخمسين مترًا، كما استخدموها في صناعة أبواب قصوره وفي بعض الأجزاء الداخلية من هرمه. ويبدو أن عهده كان ذا اهتمام خاص بالملاحة؛ إذ ذكرت حولياته مشروعًا لصناعة ستين سفينة لكل سفينة منها ستة عشر مجذافًا، دفعة واحدة[2]. وقد زكت ضخامة المركب النيلية التي عثر عليها بجوار هرم ولده خوفو "ص118" صدق ما روته حوليات حجر بالرمو عن ضخامة السفن البحرية في عهده.
وسجلت الحوليات نفسها نشاطًا عسكريًّا واسعًا في سبيل تأمين الحدود الجنوبية والغربية وتعويد أهلها على النظام والطاعة واشتدت عليهم بعض الشيء في هذا السبيل. وتوفر للعهد نشاط مماثل على الحدود الشرقية وفي شبه جزيرة سيناء، وكانت لسيناء كجزء من مصر أهمية في اقتصاديات البلاد وصناعتها؛ إذ ظلت المورد الرئيسي للفيروز والدهنج والنحاس، وسمي جزء منها باسم مدرجات الفيروز، ثم هي بموقعها تحف بطرق التجارة البرية بين مصر وبين جنوب الشام، غير أنها لتطرفها واتساعها وصحراويتها وجدبها كثيرًا ما دفع الفقر قبائلها البدوية من حين إلى حين إلى تهديد بعثات الاستثمار وقوافل التجارة والاعتداء عليها ونهب مؤنها وبضائعها،. وتعين لذلك على الحكومات القائمة في مصر القديمة أن تباشر حماية بعثاتها وقوافلها بقوات عسكرية تصحبها وتكفل لها الأمان والهيبة. ولم يكن الأمر يخلو من اشتباكات بين قوات الحكومة وبين البدو. [1] Palermo, Rt. Vi, 2 And See, Wb. I, 228 Fo. "Abies Cilicica" Cedar Wood. [2] Urk. I, 236.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 103