responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 225
مِنْ غَنَمِ أَبِيهِمْ مَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصفات من التيوس لئلا يولد شئ مِنَ الْحُمْلَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَسَارُوا بِهَا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْ غَنَمِ أَبِيهِمْ قَالُوا فَعَمَدَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى قُضْبَانٍ رَطْبَةٍ بيض من لوز وولب فكان يقشرها بلقا وينصبها فِي مَسَاقِي الْغَنَمِ مِنَ الْمِيَاهِ لِيَنْظُرَ الْغَنَمُ إِلَيْهَا فَتَفْزَعَ وَتَتَحَرَّكَ أَوْلَادُهَا فِي بُطُونِهَا فَتَصِيرَ أَلْوَانُ حُمْلَانِهَا كَذَلِكَ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَيَنْتَظِمُ فِي سِلْكِ الْمُعْجِزَاتِ فَصَارَ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَغْنَامٌ كَثِيرَةٌ وَدَوَابُّ وَعَبِيدٌ وَتَغَيَّرَ لَهُ وَجْهُ خَالِهِ وَبَنِيهِ وَكَأَنَّهُمُ انْحَصَرُوا مِنْهُ.
وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى يَعْقُوبَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ وَوَعَدَهُ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِهِ فَأَجَابُوهُ مُبَادِرِينَ إِلَى طَاعَتِهِ فَتَحَمَّلَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَسَرَقَتْ رَاحِيلُ [1] أَصْنَامَ أَبِيهَا فَلَمَّا جَاوَزُوا
وَتَحَيَّزُوا عَنْ بِلَادِهِمْ لِحَقَهُمْ لَابَانُ وَقَوْمُهُ فَلَمَّا اجْتَمَعَ لَابَانُ بيعقوب عاتبه في خروجه بغير علمه وهلاّ أعلمه فيخرجهم في فرح ومزاهر وَطُبُولٍ وَحَتَّى يُوَدِّعَ بَنَاتِهِ وَأَوْلَادَهُنَّ وَلِمَ أَخَذُوا أَصْنَامَهُ مَعَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ يَعْقُوبَ عِلْمٌ مِنْ أَصْنَامِهِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَخَذُوا لَهُ أَصْنَامًا فَدَخَلَ بُيُوتَ بَنَاتِهِ وَإِمَائِهِنَّ يُفَتِّشُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ جَعَلَتْهُنَّ فِي بردعة الحمل وَهِيَ تَحْتَهَا فَلَمْ تَقُمْ وَاعْتَذَرَتْ بِأَنَّهَا طَامِثٌ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِنَّ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَاثَقُوا عَلَى رَابِيَةٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهَا جَلْعَادُ عَلَى أَنَّهُ لا يهبن بَنَاتِهِ وَلَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهِنَّ وَلَا يُجَاوِزُ هَذِهِ الرَّابِيَةَ إِلَى بِلَادِ الْآخَرِ لَا لَابَانُ وَلَا يَعْقُوبُ وَعَمِلَا طَعَامًا وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُمْ وَتَوَدَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَتَفَارَقُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَلَمَّا اقْتَرَبَ يَعْقُوبُ مِنْ أَرْضِ سَاعِيرَ تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ يُبَشِّرُونَهُ بِالْقُدُومِ وَبَعَثَ يَعْقُوبُ الْبُرُدَ إلى أخيه العيصو يترفق لَهُ وَيَتَوَاضَعُ لَهُ فَرَجَعَتِ الْبُرُدُ وَأَخْبَرَتْ يَعْقُوبَ بِأَنَّ الْعِيصَ قَدْ رَكِبَ إِلَيْكَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَاجِلٍ فَخَشِيَ يَعْقُوبُ مِنْ ذَلِكَ وَدَعَا اللَّهَ عزوجل وصلى الله وَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَتَمَسْكَنَ لَدَيْهِ وَنَاشَدَهُ عَهْدَهُ وَوَعْدَهُ الَّذِي وَعَدَهُ بِهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ شَرَّ أَخِيهِ الْعِيصَ وَأَعَدَّ لِأَخِيهِ هَدِيَّةً عَظِيمَةً وَهِيَ مِائَتَا شَاةٍ وَعِشْرُونَ تَيْسًا وَمِائَتَا نَعْجَةٍ وَعِشْرُونَ كَبْشًا وَثَلَاثُونَ لِقْحَةً وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً وَعَشَرَةٌ مِنَ الثِّيرَانِ وَعِشْرُونَ أَتَانًا وَعَشَرَةٌ مِنَ الْحُمُرِ وَأَمَرَ عَبِيدَهُ أَنْ يَسُوقُوا كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَحْدَهُ وَلْيَكُنْ بَيْنَ كُلِّ قَطِيعٍ وَقَطِيعٍ مَسَافَةٌ فَإِذَا لَقِيَهُمُ الْعِيصُ فَقَالَ لِلْأَوَّلِ لِمَنْ أَنْتَ وَلِمَنْ هَذِهِ مَعَكَ فَلْيَقُلْ لِعَبْدِكَ يَعْقُوبَ أَهْدَاهَا لِسَيِّدِي الْعِيصَ وَلْيَقُلِ الَّذِي بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَهُوَ جائي بَعْدَنَا وَتَأَخَّرَ يَعْقُوبُ بِزَوْجَتَيْهِ وَأَمَتَيْهِ وَبَنِيهِ الْأَحَدَ عَشَرَ بَعْدَ الْكُلِّ بِلَيْلَتَيْنِ وَجَعَلَ يَسِيرُ فِيهِمَا لَيْلًا وَيَكْمُنُ نَهَارًا فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْفَجْرِ من الليلة الثانية تبدا لَهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَظَنَّهُ يَعْقُوبُ رَجُلًا مِنَ النَّاسِ فَأَتَاهُ يَعْقُوبُ لِيُصَارِعَهُ وَيُغَالِبَهُ فَظَهَرَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ فِيمَا يُرَى إِلَّا أَنَّ الْمَلَكَ أَصَابَ وَرِكَهُ فَعَرَجَ يَعْقُوبُ فَلَمَّا أَضَاءَ الْفَجْرُ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ مَا اسْمُكَ قَالَ يَعْقُوبُ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُدْعَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا إِسْرَائِيلُ فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ وَمَنْ أَنْتَ وَمَا اسْمُكَ فَذَهَبَ عَنْهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَصْبَحَ يَعْقُوبُ وَهُوَ يَعْرُجُ مِنْ رِجْلِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَأْكُلُ

[1] في الطبري: فقالت امرأة يعقوب، ولم يذكر اسمها، وعلى الارجح فيما رواه الطبري انها ليا ; لانه اعتبر في نفس الرواية ان راحيل قد ماتت.
[1] / 165.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست