15 - ألفا وتوالدوا حَتَّى بلغُوا عدد الرمل فَتزَوج إِبْلِيس امْرَأَة من ولد الجان فَكثر أَوْلَاده وانتشروا حَتَّى امْتَلَأت الأقطار مِنْهُم ثمَّ أسكن الله الجان فِي الْهَوَاء وإبليس وَأَوْلَاده فِي سَمَاء الدُّنْيَا وَأمرهمْ بالعباد وَالطَّاعَة فَكَانَت السَّمَاء تفتخر على الأَرْض بِأَن الله رَفعهَا وَجعل فِيهَا مَا لم يكن فِي الأَرْض فشكت الأَرْض إِلَى خَالِقهَا الوحشة إِذْ لَيْسَ على ظهرهَا خلق يذكرُونَ الله فنوديت الأَرْض اسكني فَإِنِّي خَالق من اديمك صُورَة لَا مثل لَهَا فِي الْجِنّ وأرزقها الْعقل وَاللِّسَان وأعلمها من علمي وَأنزل عَلَيْهَا من كَلَامي فأملأ مِنْهَا بَطْنك وظهرك وشرقك وغربك على مزاج ترتبك فِي الألوان والخيرية والشرية فافتخري يَا أَرض على السَّمَاء بذلك فاستقرت الأَرْض وَهِي مَعَ ذَلِك بَيْضَاء نقية كَأَنَّهَا الْفضة الْبَيْضَاء فَأَشْرَفت الجان على الأَرْض وَقَالَت رَبنَا أهبطنا إِلَى الأَرْض فَأذن الله لَهُم بذلك على أَن يعْبدُونَ وَلَا يعصوه فَأَعْطوهُ العهود على ذَلِك ونزلوا وهم أُلُوف فعبدوا الله حق عِبَادَته دهراً طَويلا ثمَّ أخذُوا فِي الْمعاصِي وَسَفك الدِّمَاء حَتَّى استغاثت الأَرْض مِنْهُم وَقَالَت ان خلوي يَا رب أحب إِلَيّ من أَن يكون على ظَهْري من يعصيك فَأوحى الله إِلَيْهَا أَن اسكني فَإِنِّي باعث إِلَيْهِم رُسُلِي قَالَ كَعْب الْأَحْبَار فَأول نَبِي بَعثه الله من الجان نَبيا مِنْهُم يُقَال لَهُ عَامر بن عُمَيْر بن الجان فَقَتَلُوهُ ثمَّ بعث لَهُم من بعد عَامر صاعق بن ماعق بن مارد بن الجان فَقَتَلُوهُ حَتَّى بعث الله إِلَيْهِم ثَمَانمِائَة نَبِي فِي ثَمَانمِائَة سنة فِي كل سنة نَبيا وهم يَقْتُلُونَهُمْ فَلَمَّا كذبُوا الرُّسُل أوحى الله إِلَى أَوْلَاد الْجِنّ فِي السَّمَاء أَن أنزلوا إِلَى الأَرْض وقاتلوا من فِيهَا من أَوْلَاد الجان وَعَلَيْهِم إِبْلِيس اللعين فَقَاتلهُمْ إِبْلِيس اللعين هُوَ وَمن كَانَ مَعَه حَتَّى أدخلهم إِلَى بقْعَة من الأَرْض فَاجْتمعُوا فِيهَا فَأرْسل الله عَلَيْهِم نَارا فأحرقهم وَسكن إِبْلِيس الأَرْض مَعَ الْجِنّ وَعبد الله حق عِبَادَته فَكَانَت عِبَادَته أَكثر من عباداتهم كلهم ثمَّ رَفعه الله تَعَالَى إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا لِكَثْرَة عِبَادَته فعبد الله فِيهَا ألف سنة حَتَّى سمي فِيهَا
وَانْطَلق إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الثَّنية حَيْثُ انهما لَا يرونه اسْتقْبل الْقبْلَة بِوَجْهِهِ ودعا بِهَذِهِ الدَّعْوَات وَرفع يَدَيْهِ (فَقَالَ رب اني أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون) وَأما أم اسماعيل فَجعلت ترْضع اسماعيل عَلَيْهِ السَّلَام وتشرب من ذَلِك المَاء حَتَّى نفد مَا فِي السقاء فعطشت وعطش وَلَدهَا فَجعلت تنظر إِلَيْهِ وَهُوَ يتلوى من شدَّة الْعَطش فَانْطَلَقت كَرَاهَة ان تنظر إِلَيْهِ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَالة فَوجدت الصَّفَا أقرب جبل فِي الأَرْض إِلَيْهَا فَقَالَت عَلَيْهِ ثمَّ اسْتقْبلت الْوَادي وَجعلت تنظر إِلَيْهِ لَعَلَّهَا تنظر أحدا فَلم تنظر أحدا فَهَبَطت من الصَّفَا حَتَّى إِذا بلغت الْوَادي رفعت طرف درعها ثمَّ سَمِعت سعي الْإِنْسَان المجهود حَتَّى جَاوَزت الْوَادي وَهِي تنظر لخالقها ثمَّ أَتَت الْمَرْوَة فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنظرت هَل ترى أحدا فَلم تَرَ أحدا فَفعلت ذَلِك سبع مَرَّات قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك سعي النَّاس بَينهمَا فَلَمَّا أشرفت عل الْمَرْوَة سَمِعت صَوتا فَقَالَت مَه - تُرِيدُ نَفسهَا - ثمَّ تسمعت فَسمِعت الصَّوْت ثَانِيًا فَقَالَت قد سَمِعت إِن كَانَ عنْدك غوث فأغث فَإِذا هِيَ بِالْملكِ عِنْد مَوضِع زَمْزَم فبحث بعقبه _ أَو قَالَ بجناحه حَتَّى ظهر المَاء فَجعلت تحوطه وَتقول بِيَدَيْهَا هَكَذَا وَجعلت تغرف من المَاء فِي سقائها وَهِي تَقول _ بَعْدَمَا تغرف _ زم زم قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله أم اسماعيل لَو تركت زَمْزَم _ أَو قَالَ لَو لم تغرف من المَاء _ لَكَانَ زَمْزَم عينا معينا قَالَ فَشَرِبت وأرضعت ابْنهَا فَقَالَ لَهَا الْملك لَا تخافي الضَّيْعَة فان هَاهُنَا بَيت الله الْحَرَام وسيبنية هَذَا الْغُلَام وَأَبوهُ وان الله لَا يضيع أَهله وَكَانَ الْبَيْت مرتفعاً من الأَرْض كالرابية تَأتيه السُّيُول فتأخذ عَن يَمِينه وشماله ثمَّ نزل هُنَاكَ أَبْيَات من جرهم وشب اسماعيل عَلَيْهِ السَّلَام وَتعلم الْعَرَبيَّة