responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنس الجليل المؤلف : العُلَيْمي، أبو اليُمْن    الجزء : 1  صفحة : 30
والْحَدِيث الشريف الْمُتَقَدّم وَهَذِه الْأَقْوَال تدل على أَن بِنَاء دَاوُد وَسليمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام إِيَّاه لما كَانَ على أساس قديم لَا إنَّهُمَا المؤسسان لَهُ بل هما مجددان وكل قَول الْأَقْوَال الْوَارِدَة فِي بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى لَا يُنَافِي الآخر فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون الْمَلَائِكَة أَولا ثمَّ جدده آدم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ سَام بن نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام ثمَّ يَعْقُوب بن إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام ثمَّ دَاوُد وَسليمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام فَإِن كل نَبِي مِنْهُم بَينه وَبَين الآخر مُدَّة أَن يجدد فِيهَا الْبناء الْمُتَقَدّم قبله وَالْقَوْل بِأَن سَام نوح أسسه ظَاهر فَإِن سَام بن نوح هُوَ الَّذِي اختط مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس وبناها وَكَانَ ملكا عَلَيْهَا فَلَا يبعد أَن يكون فِي الْمَسْجِد حِين بنائِهِ الْمَدِينَة وَلَكِن يحمل على تجديده للْبِنَاء الْقَدِيم لَا تأسيسه وَالله اعْلَم وَأما مَدِينَة الْقُدس فَكَانَت أرْضهَا فِي ابْتِدَاء الزَّمَان صحراء بَين أَوديَة وجبال خَالِيَة لَا بِنَاء فِيهَا وَلَا عمَارَة فَأول من بناها واختطها سَام بن نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَ ملكا عَلَيْهَا وَكَانَ يلقب مليكيصادق بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَكسر الْكَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَبعدهَا ألف ثمَّ دَال مُهْملَة مَكْسُورَة فِيهَا قَاف وَمَعْنَاهُ بالعبرانية ملك الصدْق وَمِمَّا حُكيَ فِي أَمر بِنَاء الْقُدس فِي تواريخ الْأُمَم السالفة أَن مليكيصادق نزل فِي بَيت الْمُقَدّس وقطن بكهف من جبالها يتعبد فِيهِ واشتهر أمره حَتَّى بلغ مُلُوك الأَرْض من هم بِالْقربِ من أَرض بَيت الْمُقَدّس وبالشام وسدوم وَغَيرهمَا وعدتهم اثْنَا عشر فَحَضَرُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ وسمعوا كَلَامه اعتقدوه وأحبوه حبا شَدِيدا ودفعوا مَالا ليعمر بِهِ مَدِينَة الْقُدس فاختطها وعمرها وَسميت بروشليم وَتقدم أَن مَعْنَاهُ عمرانية بَيت السَّلَام فَلَمَّا انْتَهَت عمارتها اتّفقت الْمُلُوك كلهم أَن يكون مليكيصادق عَلَيْهَا وكنوه بِأبي الْمُلُوك وَكَانُوا بأجمعهم تَحت طَاعَته وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بهَا يَأْتِي ذكر مولده ووفاته عِنْد ذكر وَالِده نوح ان شَاءَ الله تَعَالَى وَلما بنيت مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس كَانَ مَحل الْمَسْجِد فِي وَسطهَا وَهُوَ صَعِيد وَاحِد صَخْرَة الشَّرِيفَة قَائِمَة فِي وَسطه حَتَّى بناه دَاوُد ثمَّ سُلَيْمَان كَمَا سنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى

غضب من ان تعبدوا مَعَه هَؤُلَاءِ الصغار وَهُوَ اكبر مِنْهُم فكسرهم وَأَرَادَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بذلك إِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِم فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فاسألوهم إِن كَانُوا ينطقون) حَتَّى يخبروا من فعل بهم ذَلِك روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لم يكذب إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا ثَلَاث كاذبات ثِنْتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَات الله عز وَجل قَوْله اني سقيم وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا وَقَوله لسارة هَذِه أُخْتِي وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْكَذِب الْحَقِيقِيّ الَّذِي يذم فَاعله وانما إِطْلَاق الْكَذِب عَليّ هَذَا تجوز وَيجوز ان يكون الله تَعَالَى قد أذن لَهُ فِي ذَلِك لقصد الصّلاح وتوبخهم والاحتجاج عليم كَمَا إِذن ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ أَمر مناديه فَقَالَ لاخوته (أيتها العير إِنَّكُم لسارقون) وَلم يَكُونُوا سرقوا فَرَجَعُوا الى أنفسهم أَي تَفَكَّرُوا بقلوبهم وَرَجَعُوا الى عُقُولهمْ فَقَالُوا مَا نرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ إِنَّكُم انتم الظَّالِمُونَ يَعْنِي بعبادتكم من لَا يتَكَلَّم ثمَّ نكسوا على رُؤْسهمْ أَي ردوا الى الْكفْر بعد ان اقروا على أنفسهم بالظلم (وَقَالُوا لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون) فَكيف نسألهم؟ فَلَمَّا اتجهت الْحجَّة عَلَيْهِم لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (أفتعبدون من دون الله مَالا ينفعكم شَيْئا) ان عبد تموه وَلَا يضركم ان تركْتُم عِبَادَته (أُفٍّ لكم _ أَي نَتنًا لكم وقذرا لكم _ وَلما تَعْبدُونَ من دون الله أَفلا تعقلون) فَلَمَّا لزمتهم الْحجَّة وعجزوا عَن الْجَواب (قَالُوا احرقوه وانصروا آلِهَتكُم إِن كُنْتُم فاعلين) أَي ان كُنْتُم ناصرين لَهَا فَلَمَّا جمع نمروذ قومه لإحراق إِبْرَاهِيم حبسوه فِي بَيت وبنوا بنيانا كالحضيرة قيل طوله فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وَعرضه عشرُون ذِرَاعا وملؤه من الْحَطب وأوقدوا فِيهِ النَّار ليطرحوه فِيهِ فَلم يطيقوا لشدَّة حر النَّار ان يقربوها وَلَا علمُوا كَيفَ يلقوه فِيهَا فجَاء إِبْلِيس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه ثمَّ عَمدُوا إِلَى إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرَفَعُوهُ عل رَأس الْبُنيان وقيدوه ثمَّ وضعوه فِي المنجنيق

اسم الکتاب : الأنس الجليل المؤلف : العُلَيْمي، أبو اليُمْن    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست