responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنس الجليل المؤلف : العُلَيْمي، أبو اليُمْن    الجزء : 1  صفحة : 29
وَمن أَسمَاء بَيت الْمُقَدّس ورشلم بشين مُعْجمَة وَتَشْديد اللَّام ويروى بِالْمُهْمَلَةِ وَكسر اللَّام ويروى شلم وَمَعْنَاهُ بالعبرانية بَيت السَّلَام وصهيون بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَيُقَال لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الزَّيْتُون وَلَا يُقَال لَهُ الْحرم وَقد اخْتلف فِي أول من بنى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس قبل دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فروى بعض الْعلمَاء أَن أول من بناه الْمَلَائِكَة بِأَمْر الله تَعَالَى وَيُقَال أَن الَّذِي بناه إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقد روى المحدثون عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي مَسْجِد وضع فِي الأَرْض أَولا؟ قَالَ الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ قلت ثمَّ أَي؟ قَالَ الْمَسْجِد الْأَقْصَى قلت كم بَينهمَا؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سنة ثمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكتك الصَّلَاة فصل فَإِن الْفضل فِيهِ وَقد روى أَن الْمَلَائِكَة بنوا الْمَسْجِد الْحَرَام قبل خلق آدم بألفي عَام فَكَانُوا يحجونه قَالَ الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ يجوز أَن يكون بناه يَعْنِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الْمَلَائِكَة بعد بنائها الْبَيْت الْمَعْمُور بِإِذن الله تَعَالَى وَظَاهر الحَدِيث يدل على ذَلِك وَالله أعلم وَمن الْعلمَاء من قَالَ بني مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْهُم من قَالَ أسسه سَام بن نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمِنْهُم من قَالَ أول من بناه وَأرى مَوْضِعه يَعْقُوب بن إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام روى أَن أَبَاهُ إِسْحَاق أمره أَن لَا ينْكح امْرَأَة من الكنعانيين وَأمره أَن ينْكح من بَنَات خَاله فَلَمَّا توجه إِلَى خَاله لينكح ابْنَته أدْركهُ اللَّيْل فِي بعض الطَّرِيق فَبَاتَ متوسداً حجرا فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم أَن سلما مَنْصُوبًا إِلَى بَاب من أَبْوَاب السَّمَاء وَالْمَلَائِكَة تعرج فِيهِ وتنزل فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَقد وَرثتك هَذِه الأَرْض المقدسة وذريتك من بعْدك ثمَّ أَنا مَعَك أحفظك حَتَّى أدْرك إِلَى هَذَا الْمَكَان فأجعله بَيْتا تعبدني فِيهِ فَهُوَ بَيت الْمُقَدّس وَقد تَأَول بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث الشريف الْوَارِد أَن بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ بعد بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام بِأَرْبَعِينَ سنة على أَن المُرَاد بِهِ بِنَاء يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بعد بِنَاء إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْكَعْبَة الشَّرِيفَة وَالله أعلم

وَلما أَرَادَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ان يرى قومه ضعف الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وَضعف الْأَصْنَام الَّتِي كَانُوا يعبدونها من دون الله تَعَالَى وعجزها إلزاما للحجة عَلَيْهِم فَجعل ينْتَظر لذَلِك فرْصَة إِلَى أَن حضر عيد لَهُم وَكَانَ لَهُم فِي كل سنة عيد يخرجُون إِلَيْهِ ويجتمعون فِيهِ وَكَانُوا إِذا رجعُوا من عيدهم دخلُوا على الْأَصْنَام فيسجدون لَهَا ثمَّ يعودون إِلَى مَنَازِلهمْ فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْعِيد قَالَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم لإِبْرَاهِيم لَو خرجت مَعنا إِلَى عيدنا لأعجبك ديننَا فَخرج مَعَهم فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق ألْقى نَفسه وَقَالَ اني سقيم فَقعدَ ومضوا وَهُوَ صريع فَلَمَّا مضوا نَادَى فِي أخرهم وَقد بَقِي ضعفاء النَّاس _ (تالله لاكيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين) فَسَمِعُوا كَلَامه ثمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى بَيت الْآلهَة فَإِذا هم قد جعلُوا طَعَاما فوضعوه بَين أَيدي الْآلهَة وَقَالُوا إِذا رَجعْنَا تكون قد باركت الْآلهَة فِي طعامنا فنأكله فَلَمَّا نظر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْأَصْنَام والى مَا بَين أَيْديهم من الطَّعَام قَالَ لَهُم _ على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء _ (أَلا تَأْكُلُونَ) ؟ فَلم يجبهُ أحد مِنْهُم فَقَالَ لَهُم (مالكم لَا تنطقون فرَاغ عَلَيْهِم ضربا بِالْيَمِينِ) وَجعل يكسرهم بفاس فِي يَده حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا الصَّنَم الْكَبِير فعلق الفاس فِي عُنُقه ثمَّ خرج فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فجعلهم جذاذاً إِلَّا كَبِيرا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يرجعُونَ) فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْم من عيدهم إِلَى بَيت آلهتم وَرَأَوا أصنامهم جذاذا إِلَّا كَبِيرا لَهُم (قَالُوا من فعل هَذَا بآلهتنا انه لمن الظَّالِمين) _ أَي الْمُجْرمين _ قَالَ الَّذين سمعُوا كَلَام إِبْرَاهِيم _ حَيْثُ قَالَ وتالله لَا كيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين _ سمعنَا فَتى يذكرهم يعيبهم ويسبهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم وَهُوَ الَّذِي نظن انه فعل هَذَا بآلهتنا فَبلغ ذَلِك نمروذ الْجَبَّار وأشراف قومه قَالُوا (فَأتوا بِهِ على أعين النَّاس _ أَي ظَاهرا _ لَعَلَّهُم يشْهدُونَ) عَلَيْهِ انه الَّذِي فعله كَرهُوا ان يأخذوه بِغَيْر بَيِّنَة فَلَمَّا أَتَوا بِهِ (قَالُوا أَأَنْت فعلت هَذَا بآلهتنا يَا إِبْرَاهِيم قَالَ بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا)

اسم الکتاب : الأنس الجليل المؤلف : العُلَيْمي، أبو اليُمْن    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست