قال:
وقد يصدقون، فيمتلئ غيرهم صدقا، وقد استثنى الله تعالى المؤمنين، فقال:﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ
مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ (الشعراء:227)، وقد ورد في
الحديث أنه لما نزلت:﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ
الْغَاوُونَ ﴾، جاء حسان بن ثابت، وعبد الله
بن رَوَاحة، وكعب بن مالك إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهم يبكون فقالوا: قد علم الله
حين أنزل هذه الآية أنا شعراء. فتلا النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم:﴿ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ ﴾ ثم قال: (أنتم) ﴿ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ قال: (أنتم )، ﴿ وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ قال: (أنتم)[1]
وقد روي
عن كعب بن مالك أنه قال للنبي a: إن الله، عز وجل، قد أنزل في الشعّر ما أنزل، فقال a: (إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه،
والذي نفسي بيده، لكأن ما ترمونهم به نَضْح النبْل)[2]
قلت:
أما إن قلت هذا، فقد كان في الإسلام شعراء كثيرون يمتلئون صدقا، وقد قدموا للإسلام
أعظم ما يقدمه مسلم ناصح.
قال:
ولذلك تراني قد بدأت بهم في هذا الدفتر.
[1] رواه ابن أبي حاتم، وابن
جرير، من رواية ابن إسحاق، وقد شكك في صحة هذه الرواية باعتبار السورة مكية،
وهؤلاء كانوا في المدينة، ومنهم من تأخر إسلامه، ولكن هذا ومثله لا يحمل على سبب
النزول وإنما يحمل على التفسير، فهؤلاء الصحابة الشعراء طبقوا على أنفسهم المعنى
السلبي للآيات، فصحح لهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك.