قلبت بعض
الصفحات من دفتر الغريب، فرأيت عنوان (أصدقاء من دول شتى)، تحته أسماء دول كثيرة،
فقلت: ما هذا؟.. إني أرى قاموسا لدول العالم في هذا المحل.
قال:
لقد ذكرت في هذا المحل دولا كثيرة مررت بها.. وسمعت من أهلها بعض كلمات الصدق..
إسبانيا:
من الدول
التي رأيتها في هذا الفصل (إسبانيا)، فأصابني ألم شديد، فقلت: هذه الأندلس.. وقد
ضاعت من أيدينا.
قال:
عندما أسأتم تمثيل الإسلام فيها ضاعت من أيديكم.. وما كان لها أن تبقى.. لقد أراد
الله بفتحها عليكم أن تملأوا الأرض إيمانا وصلاحا ومحبة وسلاما.. فلما انشغلتم
بأودية الهوى، وزخارف الحياة الدنيا، وتصورتموها إقطاعا من إقطاعاتكم التي
تتنازعون عليها سلبها منكم.
قلت:
فهل يمكن أن تعود إلينا؟
قال:
لتملكوها، أم لترشدوها؟
لم
أجد ما أجيب به، فقال: أما إن قصدتم ملكها، ليحكمها سلاطين بني الأحمر، فلا أرجعها
الله لكم.. وأما إن أردتم أن ترشدوها، فها هي بين أيديكم.. إن لم تملكوا أن ترحلوا
إليها بأجسادكم فلترحلوا إليها بالدعوة الصادقة والقدوة الطيبة.
لم
أجد ما أجيبه به، فقال: يخطئ قومك حين يربطون الفتوح بالسيوف.. الفتح فتح القلوب،
لا فتح السيوف، فالسيوف أضعف من أن تمتد لما تمتد له القلوب.
قلت:
صدقت فقد قال الله تعالى:﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)
(النصر:1)، ثم عقب عليها مباشرة بقوله:﴿ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً)
(النصر:2)