responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قلوب مع محمد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 503

(كلما زدنا استقصاء باحثين في سرّ تقدم الإسلام وتعاليمه، زادنا ذلك العجب العجاب بهرًا فارتددنا عنه بأطراف حاسرة عرفنا أن سائر الأديان العظمى إنما نشأت ثم أنشأت تسير في سبيلها سيرًا بطيئًا ملاقية كل صعب، حتى كان أن قيض الله لكل دين منها ما أراده له من ملك ناصر وسلطان قاهر انتحل ذلك الدين ثم أخذ في تأييده والذب عنه حتى رسخت أركانه.. إنما ليس الأمر كذلك في الإسلام الذي نشأ في بلاد صحراوية تجوب فيافيها شتى القبائل الرحالة التي لم تكن من قبل رفيعة المكانة والمنزلة في التاريخ، فلسرعان ما شرع يتدفق وينتشر وتتسع رقعته في جهات الأرض مجتازًا أفدح الخطوب وأصعب العقبات دون أن يكون له من الأمم الأخرى عون يذكر ولا أزر مشدود. وعلى شدة هذه المكاره فقد نصر الإسلام نصرًا مبينًا عجيبًا، إذ لم يكد يمضي على ظهوره أكثر من قرنين، حتى باتت راية الإسلام خفاقة من (البرانس) حتى (هملايا) ومن صحاري أواسط آسيا حتى صحاري أواسط أفريقيا)[1]

وتحدث عن الوحدة الإسلامية التي عمقها الإسلام في نفوس المسلمين، فلم تزدها الأيام إلا قوة، قال: (الجامعة الإسلامية بمعناها الشامل ومفهومها العام إنما هي الشعور بالوحدة العامة والعروة الوثقى لا انفصام لها في جميع المؤمنين في المعمور الإسلامي. وهي قديمة بأصلها ومنشئها منذ عهد صاحب الرسالة أي منذ شرع الرسول يجاهد فالتف حوله المهاجرون والأنصار معتصبين معه بعصبة الإسلام لقتال المشركين. وقد أدرك محمد خطورة الجامعة وعلو منزلتها في المسلمين حق الإدراك، وعلم كل العلم ما لها من عظم الشأن.. فغرس غرستها بيديه في نفوسهم، فنمت وتغلغلت وامتدت جذورها وبسقت أغصانها.. فقد كرّ عليها أكثر من ثلاثة عشر قرنًا فما أوهن كرور هذه القرون من الجامعة الإسلامية جانبًا ولا ضعضع لها كيانًا، بل كلما تقادم عليها العهد ازدادت شدة وقوة ومنعة واعتزازًا. حقًا أن الجامعة


[1] حاضر العالم الإسلامي:1 / 1 – 2.

اسم الکتاب : قلوب مع محمد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 503
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست