ترجمة
جيدة استطاعت أن تتلقف شيئًا من روح الوحي المحمدي. والواقع أن كثيرًا من
المترجمين الأوائل لم يعجزوا عن الاحتفاظ بجمال الأصل فحسب، بل كانوا إلى ذلك
مفعمين بالحقد على الإسلام إلى درجة جعلت ترجماتهم تنوء بالتحامل والغرض. ولكن حتى
أفضل ترجمة ممكنة للقرآن في شكل مكتوب لا تستطيع أن تحتفظ بإيقاع السور الموسيقي
الآسر، على الوجه الذي يرتلها به المسلم. وليس يستطيع الغربي أن يدرك شيئًا من
روعة كلمات القرآن وقوّتها إلا عندما يسمع مقاطع منه مرتلة بلغته الأصلية)[1]
ومنها
شهادته عن التأثير الوجداني للقرآن، قال: (إن بين آيات قصار السور ترابطًا باهرًا
له تأثيره الوجداني برغم أنه ليس ثمة أيما وزن نظامي. وفي الحق إن سماع السور تتلى
في الأصل العربي، كثيرًا ما يخلف في نفس المرء تأثيرًا بليغًا. لقد أريد بالقرآن..
أن يتلى في صوت جهير. ويتعين على المرء أن يسمعه مرتلاً لكي يحكم عليه حكمًا
عادلاً ويقدره حق قدره.. وبوصفه كلمة الله الحقيقية، كان معجزًا لا سبيل إلى
محاكاته، ولم يكن ثمة، بكل بساطة، أيما شيء من مثله)[2]
ومنها
شهاداته عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وصفاته التي لا تدل إلا على نبوته، قال: (لم ينسب محمد في
أيّما يوم من الأيام إلى نفسه صفة ألوهية أو قوى أعجوبية. على العكس، لقد كان
حريصًا على النص على أنه مجرد رسول اصطنعه الله لإبلاغ الوحي للناس)[3]
وقال:
(كان محمد تقيًّا بالفطرة، وكان من غير ريب مهيّأ لحمل رسالة الإسلام التي
تلقاها.. وبالإضافة إلى طبيعته الروحية، كان في سرّه وجهره رجلاً عمليًا عرف مواطن
الضعف ومواطن القوة في الخلق العربي، وأدرك أن الإصلاحات الضرورية ينبغي أن تقدم
إلى البدو