ثامنا ـ المفكرون
فتحت دفتر الغريب على فصله الثامن، فوجدت عنوانه (المفكرون)، فقلت: أليس المفكرون هم العلماء؟
قال: لا يكون العالم عالما حتى يكون مفكرا.
قلت: فقد تحدثنا عن العلماء.
قال: أولئك هم الذين انصرف تفكيرهم إلى العمران.
قلت: والمفكرون؟
قال: من انصرف تفكيرهم إلى الإنسان.
قلت: تقصد العلماء بالعلوم الإنسانية.
قالت: يمكنك أن تقول ذلك، ويمكن أن يمزج هؤلاء بين علوم العمران وعلوم الإنسان.
قلت: فكيف يهتدي هؤلاء إلى الإسلام؟
قال: يهديهم الله بواسطة عقولهم التي لم يضيعوها.
قلت: أعلم أن الفكر يحتل في الإسلام منزلة رفيعة، فلا يعبد الله بأفضل من الفكر، بل إن الله تعالى حث العقول على استعمال الفكر للتعرف على حقيقة ما جاء به رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال تعالى:﴿ قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الأنعام:50)، وقال تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (لأعراف:184)، وقال تعالى:﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل:44)، وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) (سـبأ:46)، وقال تعالى:﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)