من
الأسماء التي رأيتها في دفتر الغريب في هذا الفصل اسم (آرثر ميلاستنوس) [1]، فسألت الغريب عنه، فقال: وهو
دكتور في اللاهوت، وكان الرجل الثالث في مجمع كنائس قارة آسيا، وقد التقيت به في
بعض رحلاتي، فلاحظت في كلامه نفحات الصدق، فسألته عن سرها، فقال: في أثناء عملي
بالتنصير عام 1983 خطر على بالي خاطر يقول لي: أي ضير في قراءة القرآن من أجل الرد
على المسلمين؟
وتلبية
لهذا الخاطر توجهت إلى أحد المسلمين سائلاً إياه أن يعيرني كتابهم المقدس، فوافق
المسلم مشترطاً علي أن أتوضأ قبل كل قراءة[2].
وعندما
قرأت القرآن أول مرة، شعرت بصراع عنيف في أعماقي، فثمة صوت يناديني ويحثني على
اعتناق هذا الدين، الذي يجعل علاقة الإنسان بربه علاقة مباشرة، لا تحتاج إلى
وساطات القسس، ولا تباع فيها صكوك الغفران.
وفي يوم
توضأت، ثم أمسكت بالقرآن فقرأت:﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ
أَقْفَالُهَا﴾ (محمد:24)، فأحسستُ بقشعريرة، ثم قرأت:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ﴾(المائدة:3)، فحلّت السكينة في روحي الحيرى،
وشعرت أني قد خُلقت من جديد.
في تلك
الليلة لم أصبر حتى تطلع الشمس، بل اتجهت حالاً إلى منزل صديقي المسلم لأسأله عن
كيفية الدخول في الإسلام، وبين حيرة الصديق ودهشته نطقت بالشهادتين.
عبدالأحد داود:
[1] انظر: ربحت محمداً ولم
أخسر المسيح، د.عبدالمعطي الدالاتي.
[2] ذكرنا في المباحث الفقهية
المرتبطة بهذا أنه لا ينبغي التشدد مع غير المسلمين في مثل هذا إلا إذا رأينا ذلك
في مصلحة الدعوة الإسلامية كتعريفهم بحرص الإسلام على الطهارة.