وهم
حتَّى لا يتفحَّصون مصداقية ما يصرِّحون به في معظم الأحيان. وطبعاً، فإنَّ مثل
هذا التصريح من الكنيسة الكاثوليكيَّة يسبِّب للمسيحيِّ العاديِّ شيئاً من
الصُّعوبة، وذلك لأنَّه ربَّما يكون لديه أفكاره الخاصَّة عن أصل القرآن، ولكنَّه
كعضوٍ في الكنيسة لا يستطيع التصرُّف حقّاً حسب نظريَّته. فمثل هذا التصرُّف قد
يكون مناقضاً للخضوع والإخلاص والولاء الَّذي تطلبه الكنيسة. فبموجب عضويَّته في
الكنيسة، يتوَّجب عليه قبول ما تعلنه الكنيسة الكاثوليكيَّة دون سؤال، وأن يجعل
تعاليمها كجزءٍ من روتينه اليوميّ. لذا، فجوهرياًّ إذا كانت الكنيسة الكاثوليكيَّة
في عمومها تقول: (لا تستمعوا لتلك التقارير غير
المؤكَّدة حول القرآن)، فما يمكن أن يقال حول وجهة النَّظر الإسلاميَّة؟ فحتَّى
غير المسلمين يعترفون بأنَّ هناك شيئاً في القرآن ـ شيئاً كان يجب أن يكون معترفاً
به ـ إذاً فلماذا يكون النَّاس عنيدين، وهجوميِّين، وعدائيِّين، حين يقدِّم
المسلمون نفس النظريَّة؟ هذا بالتأكيد شيءٌ لأولي الألباب ليتأمَّلوا فيه.. شيءٌ
للتأمُّل لأولئك الَّذين يعقلون!
قام
حديثاً واحدٌ من المفكِّرين القياديِّين في الكنيسة الكاثوليكيَّة ـ يدعى هانز ـ
بدراسة القرآن الكريم، وأدلى برأيه فيما قرأ. هذا الرَّجل أثبت حضوره القوي على
الساحة ولزمنٍ طويل، وهو ذو منزلةٍ رفيعةٍ في الكنيسة الكاثوليكيَّة، وبعد تفحُّص
دقيقٍ نشر ما وجده مستنتجاً: (إنَّ
الله قد كلَّم الإنسان من خلال الإنسان، محمَّدٍ)
ومرَّةً
أخرى يأتي هذا الاستنتاج من مصدرٍ غير مسلمٍ ـ وهو مفكِّرٌ قياديٌّ كبيرٌ في
الكنيسة الكاثوليكيَّة نفسها! أنا لا أظنُّ بأنَّ البابا يتَّفق معه، ولكن على
الرغم من ذلك فإنَّ رأي مثل هذه الشخصيَّة العامَّة ذائعة الصِّيْت وذات السُّمعة
الحسنة يجب أن يكون له وزنه في الدِّفاع عن الموقف الإسلاميّ. ويتوَّجب التَّصفيق
له لمواجهته الواقع بأنَّ القرآن الكريم ليس شيئاً يمكن أن يلقى بعيداً بسهولة،
وبأنَّ الله تعالى حقّاً هو مصدر كلماته.
التفت
إلي، وقال: يتَّضح من كلِّ ما تقدَّم سابقاً بأنَّ كلَّ البدائل قد استنزفت، ولذا
فالفرصة