قال: تلك الأشعار من تلك المجالس.. لقد كنت جالسا في أحد تلك المجالس الآن.
قلت: أنت هنا الآن.
قال: أنا لم أخرج من هناك.. ويستحيل على قلبي أن يفارق مواطن الأحبة.
قلت: ونعجاتك؟
قال: هي لا تشغلني.. بل لو اجتمع الخلق جميعا على أن يشغلوني فلن يشغلوني.
قال ذلك، ثم انصرف إلى نعحاته، وهو يشدو بقول الشاعر:
دارُ الحبيبِ أحقُّ أن تهواها
وتَحِنُّ من طربٍ إلى ذِكراها
وعلى الجفونِ إذا هممتَ بزورَةٍ
يا ابن الكرامِ عليك أن تغشاها
فلأنتَ أنتَ إذا حللت بطيبةٍ
وظللتَ ترتعُ في ظِلال رُباها
مغنى الجمال من الخواطرِ والتي
سلبت ْ قلوبَ العاشقين حلاها
لا تحسبِ المِسكَ الذَكيّ كتُربها
هيهاتَ أين المسكُ من رياها
طابت فان تبغي لطيبٍ يا فتى
فأدم على الساعات لثم ثراهها
وابشر ففي الخبر الصحيح تقررا
إن الإله بطيبة سماها
وبهذه ظهرت مزيةٌُ طيبةٍ
فغدت وكل الفضل في معناها
حتى لقد خُصت بهجرة حِبِّهِ
الله شرفها بِهِ وحَباها
ما بين قبرٍ للنبي ومنبرٍ
حيا الإلهُ رسولَه وسقاها
هذي محاسِنها فهلل من عاشقٍ
كَلِفٍ شَجِيٍّ ناحلٍ بنواها
إني لأرهبُ من توقع بينها
فيظل قلبي مُجعاً أواها
بجوارِ أوفى العالمين بذمةٍ
وأعز من بالقرب منه يُباهى
من جاء بالآيات والنورِ الذي
داوى القلوب من العَمى فَشفاها