أنفسهم)
أما وقد قال (من وسط إخوتهم) فالمراد بها أبناء العمومة، ففي سفر التثنية (إصحاح 2
عدد 4) يقول الله لسيدنا موسى عليه السلام: (أنتم مارون بنجم إخوتكم بني عيسو …) و(عيسو) هذا الذي نقول عنه في الإسلام
(العيس) هو شقيق يعقوب عليه السلام، فأبناؤه أبناء عمومة لبني إسرائيل، ومع ذلك
قال (إخوتكم) وكذلك أبناء (إسحق) وأبناء (إسماعيل) هم أبناء عمومة، لأن (إسحق)
شقيق (إسماعيل) عليهما السلام ومن (إسحق) سلالة بني إسرائيل، ومن (إسماعيل) كان (قيدار)
ومن سلالته كان سيدنا محمد a، وهذا الفرع الذي أراد بنو إسرائيل إسقاطه وهو الذي أكدته
التوراة حين قالت (من وسط إخوتهم) أي من أبناء عمومتهم.
وتوقفت
بعد ذلك عند لفظة (مثلك) ووضعت الأنبياء الثلاثة: موسى، وعيسى، ومحمد ـ عليهم
الصلاة والسلام ـ للمقابلة فوجدت أن عيسى عليه السلام مختلف تمام الا ختلاف عن
موسى وعن محمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ وفقاً للعقيدة النصرانية ذاتها والتي
نرفضها بالطبع، فهو الإله المتجسد، وهو ابن الله حقيقة، وهو الأقنوم الثاني في
الثالوث، وهو الذي مات على الصليب.. أما موسى عليه السلام فكان عبدالله، وموسى كان
رجلاً، وكان نبياً، ومات ميتة طبيعية ودفن في قبر كباقي الناس وكذلك سيدنا رسول
الله محمد a، وإذاً
فالتماثل إنما ينطبق على محمد a، بينما تتأكد المغايرة بين المسيح وموسى ـ عليهما السلام ـ
ووفقاً للعقيدة النصرانية ذاتها!فإذا مضينا إلى بقية العبارة: (وأجعل كلامي في
فمه..) ثم بحثنا في حياة محمد a فوجدناه أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ثم لم يلبث أن نطق بالقرآن
الكريم المعجزة فجأة يوم أن بلغ الأربعين.. وإذا عدنا إلى نبوءة أخرى في التوراة
سفر أشعيا إصحاح 79 تقول: (أو يرفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة ولا الكتابة ويقول
له اقرأ، يقول ما أنا بقاريء..) لوجدنا تطابقاً كاملاً بين هاتين النبوءتين وبين
حادثة نزول جبريل بالوحي على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في غار حراء، ونزول الآيات الخمس الأولى من سورة العلق:﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
(1) خَلَقَ